أنظمة الطاقة الشمسية .. خطاب حكومي داعم، وإجراءات مُعطلة

Posted by

حسام الحياري و يزيد برهومة و أحمد الحراسيس

مزرعة شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية في البادية الشمالية الشرقية تصوير: يزيد برهومة

سامي العودات، موظف حكومي في الأربعينيات من العمر،  قام بتركيب نظام طاقة شمسية بعد حصوله على قرض بقيمة 3000 دينار، رغبة منه في خفض قيمة فاتورة الكهرباء والاستفادة من الدعم الحكومي.

يقول العودات إنه قام، قبل عامين، بتركيب نظام خلايا شمسية بقدرة 5.4 كيلو واط، وهو ما يغطي الاستهلاك الكهربائي لمنزل يكون معدل فاتورة الكهرباء فيه بحدود 100 دينار شهرياً. وأضاف العودات أنه لم يسبق له الإستفادة من رصيد الطاقة الكهربائية الفائض عن حاجة منزله،  والذي يتم تخزينه في شبكة الكهرباء كرصيد لمدة ثلاث سنوات. وأشار العودات إلى أنه يقوم بدفع 12 ديناراً شهريا على فاتورة الكهرباء بعد تطبيق التعرفة الكهربائية الجديدة، وذلك بدل استخدامه لشبكة الكهرباء لتخزين الطاقة الفائضة عن الحاجة، وهو ما رتب عليه أعباءً إضافية زيادة على القسط الذي يسدده ثمنًا لنظام الطاقة الشمسية.

السياسات الحكومية تجاه تركيب أنظمة الطاقة الشمسية يمكن وصفها “بالمربكة ” فالحكومة تقوم بدعم وتشجيع المواطنين، وتحديداً أصحاب فواتير الكهرباء التي تتجاوز 50 دينار، إلا أنها بذات الوقت تقوم بفرض رسوم مقطوعة على الاستخدام و تضع بعض العراقيل! 

العديد من المنازل لجأت لاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية هرباً من فاتورة الكهرباء المرتفعة تصوير: يزيد برهومة

وزارة الطاقة والثروة المعدنية أعلنت في بيانٍ صدر عنها في تشرين الأول من العام الماضي استئنافها المرحلة الثانية من برنامج دعم تركيب أنظمة الخلايا والسخانات الشمسية المنزلية، بمعايير جديدة تساعد في وصول هذا الدعم لمستحقيه من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، ,وقد شهد البرنامج إقبالًا كبيرًا في مرحلته الأولى، إذ تم تركيب ٤٥٠٠ نظاما شمسيّا في مختلف محافظات المملكة بدعم يصل إلى ٣٠٪ من تكلفة كل نظام وبالشراكة مع البنوك المحلية وشركات قطاع الطاقة.

مدير صندوق تشجيع الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة في وزارة الطاقة والثروة المعدنية، الدكتور رسمي حمزة، قال إن الصندوق يعمل منذ تأسيسه على توفير التمويل اللازم لتدابير كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، عبر دعم وتصميم نوافذ وآليات تمويلية لزيادة عدد مستخدمي الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بالاستفادة منها. وبين حمزة أنه انطلاقاً من الاستراتيجية الوطنية للطاقة عملت الوزارة عقدت اتفاقيات مع الشركات والمؤسسات المالية المحلية، لدعم أسعار الفائدة على القروض، ودعم الاستثمار في المشاريع المبتكرة.  وأشار إلى أن الدعم الحكومي لأنظمة الطاقة المتجددة بدأ منذ العام 2015م ليصل عدد مشاريع أنظمة الخلايا الشمسية المدعومة إلى 12 ألف نظام منزلي لتوليد الكهرباء، و35 ألف نظام سخان شمسي بنوعيه: الأنابيب المفرغة، والمرايا المسطحة، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمار الكلي في هذا الدعم الحكومي تجاوز 35 مليون دينار أردني، جميعها خصصت للمشاريع المنزلية، في الوقت الذي يزيد فيه عدد المشتركين بشبكة التيار الكهربائي عن 2,3 مليون مشترك، والقطاع المنزلي هو القطاع الثاني في استهلاك الطاقة، إذ يستهلك حوالي ٥٤٩ ألف طن من العبء النفطي.

وأضاف حمزة أن الدعم الحكومي لهذه الأنظمة الشمسية المنزلية هو 700 دينار من تكلفة كل نظام منزلي بشرط ألا تزيد قدرة النظام الكلية عن 3.6 كيلو واط، وفي حال رغب المشترك تركيب نظام أكبر، فإنه يتحمل وحده فارق التكلفة لما يزيد عن الحد الأعلى للنظام المدعوم، مؤكدًا أن مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة مستفيدون حتى بعد تعديل التعرفة الكهربائية في شهر نيسان من العام الماضي، فمتوسط فواتير كهرباء العائلات الأردنية هو بمعدل 70 دينارا، فمن المتوقع أنها ستنخفض إلى 20 ديناراً، وستكون فواتير مستخدمي الأنظمة الشمسية مقتصرة على الضريبة المقطوعة في حال كفاية ما تنتجه أنظمتهم لاستهلاكهم الفعلي على الرغم من فرض ضريبة عليهم.

من جهته، أكد رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس زياد السعايدة أن فرض رسوم على مستخدمي الطاقة المتجددة هو إجراء معمول به عالميًا في كل الدول التي تمتلك تجاربَ مشابهة، ولا يحد من جدوى هذه المشاريع على المدى البعيد، وأن هذه الرسوم هي جزء بسيط من تكلفة الخدمات الداعمة التي تقدمها الشبكة الكهربائية العامة لأصحاب الأنظمة الشمسية التي تخزن الطاقة التي تنتجها في الشبكة الكهربائية، وهذا يتطلب تعزيز الشبكة بشكل دائم للتعامل مع هذه التدفقات الكهربائية المتغيرة، وأن الهيئة معنية بإعادة النظر بتكاليف الطاقة كل ثلاث سنوات على الأقل كجزء من إعادة هيكلة قطاع الطاقة المعمول به، وإزالة التشوهات وتقليص عدد الشرائح، مبينا أن النسبة الأكبر من قيم الفواتير في مختلف القطاعات قد انخفضت بشكل واضح منذ بدء تطبيق التعرفة الكهربائية الجديدة.

الناطق الإعلامي باسم شركة الكهرباء الأردنية محمد المحارمة قال إن شركة الكهرباء تدرس كل طلب لتركيب نظام طاقة شمسية بشكل منفصل، وتقرر حسب معايير هيئة تنظيم قطاع الطاقة الفنية الموافقة على الطلب أو رفضه، وتأخذ في الحسبان الفواتير السنوية لصاحب الطلب، وقدرة المحولات الموجودة في المنطقة التي يسكنها صاحب الطلب على تحمل التدفق الكهربائي الذي سينتج عن هذا النظام، فزيادة عدد مشاريع الطاقة الشمسية المنزلية ضمن حي معين، بالتأكيد سيشكل ضغطًا على استيعاب الشبكة والمحولات الكهربائية في ذلك الحي.

المنشآت التي تسخدم الطاقة المتجددة عبر الرابط : https://www.datawrapper.de/_/8LlSy/

وبين محارمة أن تأثير الطاقة الشمسية على الشبكة الكهربائية – وإن كان بسيطًا لهذه اللحظة – إلا أن سمة الطاقة المتجددة المرتبطة بالحالة الجوية تجعلها متذبذبة، الأمر الذي يؤثر فنيًا على الشبكة الوطنية، وبالتالي يستدعي النزول الكبير في تدفقات هذه الأنظمة الشمسية  تعويضها من خلال توليد الكهرباء بالطريقة التقليدية من محطات التوليد، وهذا يجعل الشركة الوطنية أمام تحدٍ كبير للتكيف السريع مع تذبذب تدفقات الطاقة المتجددة المربكة أحيانًا، ويحتاج فنيًا تكاليف عالية، وهذا في المقابل يسهل على المستهلك استخدام الطاقة الشمسية؛ لأن الشبكة الكهربائية تكون بالنسبة له “كبطارية للتخزين”، يستطيع أن يخزن فيها الكميات الفائضة لاستخدامها وقت الحاجة، وبمدة قصوى هي ثلاث سنوات، إذ يمكنه بعد انقضاء الثلاث سنوات أن يبيع 10% من الكمية المخزنة غير المُستهلَكة لشركة الكهرباء، معتبرًا نسبة 10% ليست نسبة ظالمة كون الهدف الأساسي من استخدام الأنظمة الشمسية هو سد الاحتياج الحقيقي وليس التخزين والاستثمار، لأن شبكة الكهرباء تكون خلال هذه الفترة قد تحملت أعباءً فنية ومالية للتخزين، وأن الخيار الآخر هو الاستغناء عن الشبكة الكهربائية، وتركيب بطاريات تخزين في منازل المستهلكين، الأمر الذي يحتاج  أضعاف التكلفة، ناهيك عن أن العمر الزمني للبطاريات لا يتجاوز العامين، وهذا يجعل المستهلك أمام مخاطرة كبيرة عند نفاد التيار المخزن، وعدم قدرته على التزود من الشبكة.

الجامعة الهاشمية أصبحت قيمة فاتورة الكهرباء لديها صفر بعد اعتمادها على أنظمة الطاقة الشمسية تصوير: يزيد برهومة

فاتورة كهرباء الجامعة الهاشمية بعد اعتمادها على أنظمة الطاقة الشمسية تصوير: يزيد برهومة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *