الفحيص : الإرث الثقيل

Posted by

سوزان فايز سلمان

«هاي أراضي عبية، وأراضي الدير، وأم العرايس كلها كانت أراضي زراعية»، يقول المهندس موفق زيادات من سكان مدينة الفحيص، متحدثًا عن أراضي الفحيص التي استملكتها الحكومة عام 1951؛ لإنشاء مصنع الإسمنت على مساحة ما يقارب 1528 دونما.

واليوم وبعد 65 سنة توقف المصنع عن تصنيع الإسمنت، يطالب أهالي الفحيص باسترجاع هذه الأراضي.  «حقنا ومن حق الفحيص أنها ترجع هذه الأراضي إلنا».

الدكتور سليمان صويص عضو اللجنة الشعبية لاسترجاع أراضي الفحيص، بين أن أراضي مصنع  الإسمنت التي تقع في وسط المدينة، تبلغ مساحتها الإجمالية 1880 دونما، استملكت الدولة الأردنية منها 1528 دونماً لأغراض المنفعة العامة بقرار حكومي صدر عام 1951 بموجب الفقرة الأولى للمادة الثالثة من قانون الاستملاك لعام 1931، ونشر قرار الاستملاك لتلك الأراضي في الجريدة الرسمية للمملكة الأردنية الهاشمية.


موقف اهالي الفحيص واللجنةالشعبية 

في عام 1980 استملكت الحكومة (97) دونما؛ لإنشاء إسكان لعمال المصنع، والذي لا يزال موجوداً حتى اليوم. وبحسبة بسيطة يتضح أن 1628 دونما استملكت من أصل 1880 دونما، أي أن 14 % من أراضي المصنع (255 دونماً) تم شراؤها، بينما 86 % منها استُملكت استملاكاً للمنفعة العامة وفقا  للوثائق المتاحة للجميع.

المهندس ميشيل سماوي بين بدايات قضية الأراضي في الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت أوائل العام 2016 عندما بدأت تتسرب المعلومات عن نية شركة مصانع الإسمنت (لافارج) التصرف بتلك الأراضي لأغراضٍ استثمارية دون الرجوع إلى أهالي مدينة الفحيص، وخصوصا بعد إعلانها وقف الإنتاج في المصنع؛ تمهيدا لرحيله بعيدا عن الفحيص، سماوي قال: إن الشركة بدأت العمل بعد الخصخصة بشبهة فساد، وهذا أثبته تقرير تقييم التخاصية، والآن تريد أن تأخذ الأراضي وتستملكها أيضا بشبهة فساد. ونحن مطالبنا واضحة للشركة : نحن من يحدد المشروعات التي ستقام؛ لإننا أهل المنطقة، ومن حقنا أن تكون هذه الأراضي لمشروعات تخدمنا، وتخدم أولادنا. 

خصخصة شركة مصانع الإسمنت الأردنية   

    شهدت أواخر التسعينيات من القرن الماضي عملية خصخصة (أي بيع الشركات المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص)، وذلك في إطار التوجه العام للحكومة آنذاك، والقاضي ببيع أسهم الحكومة في الشركات التي كانت تملكها إلى شركات من القطاع الخاص، وكانت شركة مصانع الإسمنت من أوائل الشركات التي تمت خصخصتها، تم بيعها الى شركة لافارج الفرنسية، التي تمتلك 51% من أسهم الشركة حاليا.

   بتاريخ 12/10/2012 وجه جلالة الملك عبدالله الثاني حكومة الدكتور عبد الله النسور لتشكيل لجنة لتقييم عمليات الخصخصة، وأسندت رئاسة هذه اللجنة إلى الدكتور عمر الرزاز، فبدأت اللجنة عملها في آذار 2013، وأصدرت تقريراً مطولاً في نهاية العام يتضمن نتيجة دراستها التفصيلية لكل عمليات التخاصية التي شملت جميع الشركات التي طالتها الخصخصة وبين التقرير أن هنالك شبهات فساد شابت عملية الخصخصة.


شركة لافارج

توقف مصنع عن العمل والاتجاه نحو الاستثمار 

   في بدايات عام 2016، أعلنت  شركة لافارج التوقف عن العمل في  مصنع الإسمنت في الفحيص، والاتجاه نحو الاستثمار بالأراضي المقام عليها المصنع، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغد آنذاك، وأكدت الشركة امتلاكها لجميع الأراضي المقام عليها المصنع.

https://bit.ly/2LnDbpd

   وفي تصريح آخر سابق لنائب رئيس مجلس الإدارة مصانع الإسمنت أحمد حشمت بصحيفة الرأي الأردنية بتاريخ  23 / 4/2017،  وفي كلمته أمام المساهمين، بين أن عام 2016 كان مليئاً بالتحديات سواءً بما يتعلق بفائض الإنتاج الكلي في السوق المحلي، أو بالمنافسة السعرية وبالأخص في النصف الثاني من العام نفسه ، وأضاف غنه منذ عام 2013 تم إيقاف خط إنتاج الكلنكر في مصنع الفحيص، إضافة إلى إيقاف أعمال الطحن والتعبئة في شهر تموز 2016. 

https://bit.ly/2KIPdtZ.

   وكانت بلدية الفحيص توقّفت عن تجديد رخصة المهن الخاصة بالمصنع منذ عام 2013، بحسب رئيس البلدية السابق هويشل عكروش؛ بسبب وجود مخالفات عديدة على الشركة، أغلبها هو وجود مخالفات تعاقدية بين البلدية، والمصنع متعلقة ببدل استخدام المرافق العامة، إضافة إلى مخالفات شروط استخدام المصنع.

 وهذا ما أكده رئيس البلدية الحالي المهندس جمال حتر، حيث قال: إن هنالك مخالفات كثيرة على الشركة، منها ما يتعلق باستخدامات المرافق العامة، وملوثات صناعة الإسمنت،  وأكد أنه إلى هذه اللحظة لم تصوب الشركة المخالفات، بالتالي فإن البلدية لم تجدد رخصة المهن.

موقف أهالي الفحيص واللجنة الشعبية بعد إعلان الشركة بالاستثمار بالأراضي.

آنذاك وفي بداية عام 2015 بدأت تتبلور لدى مجموعة من شباب الفحيص فكرة تشكيل لجنة شعبية لمتابعة قضية الأراضي المقام عليها مصنع الاسمنت، بحسب المهندس موفق زيادات.

الدكتور سليمان صويص قال إنه ومنذ أن اتضحت نوايا وخطط شركة لافارج، بدايـــــــــة عام  2016، لاستدراج مستثمرين لغايات بيع أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت، بلور أهالي الفحيص ومؤسساتهم الأهلية والتطوعية، المدنية والعشائرية، من خلال اجتماعاتهم وفعالياتهم وبياناتهم، موقفاً واضحاً، صريحاً وقوياً تجاه تلك الخطط والمشاريع “التي كانت ولا تزال تريد القفز عن إرادة أهالي الفحيص ومؤسساتهم الشعبية؛ والتحايل على القوانين والأنظمة والتهرّب من الاستحقاقات التي تفرضها مثل تلك الخطط والمشاريع على شركة لافارج بعد قرارها إغلاق المصنع”. وتطوّر ذلك الموقف بالتفاعل مع الأحداث والتطورات التي وقعت على امتداد العام المنصرم، وأصبح مع مرور الأيام موقف الأغلبية الساحقة من أهالي الفحيص وهيئاتهم التمثيلية، وبين ايضا الدكتور صويص انه تم تنفيذ اعتصام أمام مصنع الإسمنت للتعبير عن تمسّكهم بأراضي الفحيص المقام عليها المصنع، وعن رفضهم مخططات ومشاريع شركة لافارج.  

موقف أهالي الفحيص واللجنة الشعبية بعد إعلان الشركة الاستثمار بالأراضي.

   أصدر أهالي الفحيص، والجمعيات العشائرية (آل الصويصات، آل المضاعين، الزيادات، وحتر، سماوي، العكارشة، والمضاعين..) في شهر حزيران الفائت بيانات أكدوا فيها رفضهم  المطلق لتنفيذ مشروع لافارج، وبينوا ما اعتبروه خطورة تنفيذه على أراضي الفحيص، بحسب الدكتور صويص. عضو جمعية الشابات المسيحيات في الفحيص، ميادة صويص، قالت: إن المشروعات التي تتحدث عنها شركة لافارج ستحدث خللا ديمُغرافيا، وتشوه خريطة الفحيص، وتمنع امتدادها الطبيعي الذي هو حق لأي مدينة أردنية؛ مما يجعل من الوضع الجديد حالة صدام دائم ناتج عن اتساع الأراضي في قلب المدينة وموقعها، والقدرة على استيعاب إعداد تضاعف عدد سكان المدينة بطريقة لا يتوافر فيها الانسجام؛ مما يهدد هوية المدينة، وخصوصيتها.  

قانون المصادر الطبيعة 

   إن قانون سلطة المصادر الطبيعة لعام 1968، والتعليمات والأنظمة الصادرة بموجبه، يجبر الشركات التي تقوم بالتعدين أن تعيد تأهيل الأراضي قبل البدء بأي مشروع، إضافة إلى التأهيل الثاني، وهو السلامة العامة للطريق، إذ كان فيها منحدرات، والتأهيل الثالث هو الاستعمال المستقبلي للأراضي التي يجب أن يتم تأهيلها قبل البدء بأي مشروع،  وذلك حسب ما ذكره مساعد مدير عام سلطة المصادر الطبيعية سابقاً المهندس منذر عكروش.

ديوان تفسير القوانين يفسر “المنفعة العامة”

المحامي يوحنا الفرح قال بتاريخ 26/4/2016: إن الديوان الخاص بتفسير القوانين بين أنه يجوز لمجلس الوزراء الموافقة للجهات المُستملكة في حال تغيرت الظروف التصرف بالعقار المُستملكه بأي وجه من أوجه التصرفات القانونية، والتصرف بالعوائد الناجمة عن ذلك بما يراه متفقاً والنفع العام، وبغض النظر عن الغاية التي سبق، واسُتملك العقار من أجلها.

  عندما فسر ديوان تفسير القوانين أنه يجوز للجهات المُستملكة أن تتصرف بالاستملاك بأي وجه من أوجه التصرفات القانونية، يعني أن شركة لافارج هي التي تتصرف بهذه الأراضي، لتبين أن الغاية من التفسير هي تحييد للنص القانوني بقانون الاستملاك المادة (5) منه، والتي توجب إعادة الأرض المُستملكة في حال انتهت الغاية من الاستملاك ، وأكد المحامي يوحنا أن هذا النص يعطل الخصخصة، والاستثمار بالنهج الرأسمالي، الذي أتى في أغلب الأحيان ملزما للحكومة ليأتي التفسير أعلاه محققا لهذه الغاية، واعتبار أن الاستثمار بالبيع أو بالتأجير هو استكمال للمنفعة المنصوص عليها أساسا في القانون الأصلي، وأضاف الفرح إنه عدا عن أنه وقبل صدور التفسير عام 2016، كان قد صدر قانون مؤقت عام 2004 لتعطيل نصوص قانون الاستملاك لغايات تسيير الاتفاقات والخصخصة على أغلب القطاعات العامة، وليس فقط الإسمنت. 

تقديم لافارج مذكرة تفاهم لمجلس بلدية الفحيص تغيير صفة استعمال الأراضي

مذكرة تفاهم قدمتها شركة لافارج الفرنسية بواسطة وزارة الإدارة المحلية إلى بلدية الفحيص “صاحبة الولاية والصلاحية” على الأراضي من أجل إعادة تنظيم الأراضي؛ ليتم بيعها لغايات الاستثمار. 

رئيس بلدية الفحيص السابق هويشل عكروش قال: في بداية عام 2016 تقدمت شركة لافارج بمشروع مقترح على أراضي المصنع ضمن مذكرة تفاهم عن طريق وزارة الإدارة المحلية، هدفها إعادة تنظيم الأراضي لإقامة (مشروع الفحيص هايتس) عن طريق”مستثمر” سمي بالاتفاقية مطورا يقوم هذا المستثمر بعمل (مستشفى، جامعة، ملاعب جولف، فلل سكنية).

وأضاف رئيس بلدية الفحيص السابق إن البلدية درست مذكرة التفاهم أولا، وعرضتها على المختصين القانونيين، وثانيا تم إعلام المجتمع المحلي، والمؤسسات في الفحيص عن هذه المذكرة بكامل تفاصيلها في اجتماع عام حضره عدد كبير من أهالي الفحيص، وتم تقديم شرح تفصيلي كامل للمشروع، وأوضح عكروش أن البلدية لم تتخذ أي قرار إلا بعد مناقشة جميع المشروعات المقدمة، والمتطلبات القانونية الخاصة، إضافة إلى إجراء تعديل كبير في بنودها لتتماشى مع طبيعة المنطقة الفحيص، واحتياجات البلدية.

وأضاف: بتاريخ 8/6/2016 صدرت الموافقة المبدئية على إقامة هذه المشروعات من قبل أهالي الفحيص، وكذلك المجلس البلدي، على أن يتم تقديم المخططات الهندسية اللازمة للبلدية،  إلا أن هذه الموافقة لا تصبح رسمية إلا بعد صدور قرار من المجلس البلدي، ليتم رفعه لاحقا ذلك وزارة الإدارة المحلية حسب الأصول.

سهام قعوار عضو مجلس البلدي السابق والحالي بينت أن مذكرة التفاهم التي قدمت للبلدية كانت تتضمن مشروعات على هذه الأراضي وتمت مناقشتها ودراستها من قبل مختصين في المجلس البلدي السابق والمجتمع المحلي، وبالفعل صدرت الموافقة المبدئية على هذه المذكرة،  ولكنها مشروطة بأن تقوم الشركة بتزويدها بدراسات الأثر البيئي لعملية فك المصنع ورحيله، والتزام الشركة بتطبيق القوانين المتعلقة بدراسة الأثر البيئي لرحيل المصنع، والأثر البيئي لإقامة أي مشروع، إلا أن شركة قدمت دراسة هزيلة لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، ولا تناسب حجم الاستثمار على هذه الأراضي.   

تجميد الموافقة المبدئية التي صدرت من البلدية على مذكرة التفاهم 

رئيس البلدية السابقة هويشل عكروش قال: بعد أن تم منح موافقة مبدئية للشركة، ووزارة الإدارة المحلية على بنود مذكرة التفاهم التي تم التباحث والتفاوض فيها من قبل المجلس البلدي، والمجتمع المحلي، إلا أنه بتاريخ 25/7/2016، وردت مذكرة تفاهم من لافارج عن طريق وزارة الإدارة المحلية، وحال مراجعتها تبين أن بنودها تختلف عن التي تمت الموافقة عليها؛ وبناء عليه وبرغبة المجتمع المحلي سحب المجلس البلدي الموافقة السابقة وألغاها.

استقالة ستة من أعضاء المجلس البلدي في الفحيص بتاريخ  9 آذار 2017

   يذكر أن  وزارة الإدارة المحلية طلبت من المجلس البلدي اتخاذ قرار الموافقة،  أو عدمها على مذكرة التفاهم الصادرة من الوزارة، وتم إعلام المجلس البلدي أنه في حال عدم الموافقة فإنه سيتم الإيعاز للجنة اللوائية العليا في وزارة الإدارة المحلية للقيام بتنظيم الأراضي، ولذلك قدم أعضاء المجلس البلدي بتاريخ 9 آذار 2017  استقالات جماعية من المجلس البلدي، بالتالي لم يتم اتخاذ أي قرار خاص بتنظيم الأراضي من المجلس البلدي صاحب الصلاحية.

هذا وقد نشرت استقالة أعضاء المجلس البلدي مع بيان أسباب الاستقالة في الصحف المحلية، وقالوا فيها:” بسبب الضغوطات التي تمارس على المجلس البلدي في نهاية مدته لاتخاذ قرار تنظيمي من المجلس بالموافقة على مشروعات لافارج هولسيم التي تنوي إقامتها على أراضي مصنع إسمنت الفحيص رغم المطالب المستمرة والواضحة التي تعد هذه المطالب من الأساسيات لاتخاذ القرار المناسب، ولم يتم تثبيتها حتى اللحظة” 

تقديم أهالي الفحيص مذكرة إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد 7/6/2017

في تمّوز 2017، توجّه وفد شعبي كبير من أهالي الفحيص إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وكان بينهم النائب الدكتور فوزي الشاكر، إضافة إلى نوّاب منطقة البلقاء وكل من النواب: جمال قموه، نبيل غيشان، مصطفى ياغي، وهيا الشبلي نائبة منطقة ماحص، بحسب الدكتور فوزي الشاكر. 

حيث تم تسليم الهيئة شكوى تتعلق بشبهات الفساد التي رافقت عملية خصخصة شركة مصانع الإسمنت الأردنية عام 1998 والتي وردت في تقرير اللجنة الملكية لتقييم عمليات التخاصية الذي صدر عام 2014، ورد عليهم رئيس الهيئة محمد العلاّف بأن الهيئة «سوف تتعامل مع شكوى أهالي الفحيص بكل جدية واهتمام»، بحسب الشاكر. 

تشكيل مجلس بلدي جديد بتاريخ 15 آب 2017

المهندس جمال حتر رئيس بلدية الفحيص بين أن للفحيص الأحقية في إقامة المشروعات التي تناسب تتطور المدينة، وبعد توقف العمل بمذكرة التفاهم لم يتم التصريح من الشركة، أو التقدم بأي اتفاقيات ومذكرات تفاهم.

وأضاف أن المجتمع المحلي هو صاحب القرار، وصاحب الحق في تقرير مستقبل استخدامات هذه الأراضي وهذا المطلب الأساس لنا، وبغض النظر عن أي اعتبارات قانونية في هذا الجانب، فالمجتمع هو أساس الدول، وقد درس المجلس البلدي لمدة تزيد على ثمانية أشهر مستقبل الأراضي المقام عليها مصنع الإسمنت بكل تفاصيلها.

وبين المهندس جمال حتر أنه بتاريخ 28/5/2018 صدر قرار تفاجأت به بلدية الفحيص بإعلان وزير الشؤون البلدية وليد المصري إعطاء توجيهات الى قسم هندسة البلديات البلقاء بالقيام بعملية تنظيم وإفراز اراضي الفحيص المقام عليها المصنع بناء على طلب تقدم من شركة لافارج الفرنسية، وقد رفض رئيس البلدية هذا الإجراء، وتم إعلام رئاسة الوزراء بذلك، وتم سحب قرار الوزير بهذا الشأن.  

اعتصام أهالي الفحيص وماحص أمام محكمة التمييز  16/12/2018

رفع العديد من أهالي الفحيص في سنوات سابقة عددا من القضايا؛ للمطالبة بالتعويض بدل الإضرار الناتجة عن صناعة الإسمنت التي لحقت ببيوتهم، ومنازلهم، ومزروعاتهم، وفي السنوات الأخيرة لاحظ وكلاء الأهالي من المحامين وباستهجان رد المحكمة القضايا بالجملة، مما دفع المحامين إلى تقديم مذكرة إلى رئيس المجلس القضائي يعترضون فيها على رد المحكمة للقضايا مستندين بذلك إلى كتاب موجه من مدير مصنع الإسمنت إلى رئيس الوزراء آنذاك هاني الملقي يطالبون فيه الانتهاء من قضايا التعويضات في المحاكم لذلك اعتصم  أهالي الفحيص أمام محكمة التمييز؛ لعدم تجاوب رئيس المحكمة مع الوفد الذي قابله قبل هذه المذكرة، وهذا ما اكده أحد المحامين.

اعتصام اهالي الفحيص وماحص أمام محكمة التمييز

البلدية تطلق الحوار المجتمعي – نيسان 2019 

“صياغة رؤيتها المستقلة لمستقبل استخدامات الأراضي المقام عليها مصنع الإسمنت”

بين المهندس جمال حتر أن بلدية الفحيص هي صاحبة الولاية على هذه الأراضي سواء كانت داخل التنظيم، أو خارجه، والحكومة ممثلة بنائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر، مشيرا إلى أنه طُلب من البلدية تقديم المشروعات التي تريدها الفحيص على هذه الأراضي، في إطار تحقيق حقوقنا، وقال حتر: إن البلدية  إجرت حوارا مجتمعيا، شارك فيه أهالي الفحيص والمؤسسات الرسمية ، لتتم صياغة المشروع، والرؤية المستقبلية لهذه الأراضي.

واستند الحوار المجتمعي إلى ثلاثة محاور رئيسة: هي محور المحور الاول: ملكية الأراضي والطلب من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد البت بقضية خصخصة مصنع الإسمنت، والمحور الثاني: الاستحقاقات البيئية المفروضة على شركة لافارج، وهي (إجراء الدراسات البيئية قبل البدء بفك المصنع وترحيله من موقعه، ودراسة الأثر البيئي، وخطة الترحيل، ووضع خطة إعادة تأهيل الأراضي، والعمل على معالجة التشوه الذي أحدثته شركة مصانع الإسمنت طوال 65 عاما من التصنيع والتعدين الجائر، والمحور الثالث والأخير: استند إلى الثوابت والميزات النسبية لمدينة الفحيص، وتعظيمها.

وأكد كل من الدكتور كامل محادين، وعمر الشوشان، والدكتور زيد زيادات الذين تمت دعوتهم الى الحوار المجتمعي أن المجتمع هو حجر الزاوية لنجاح أي مشروعات، أن مشاركة المجتمع هي  مبدأ عالمي أقرته الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي، والعديد من المنظمات العاملة في مجال التنمية، والبيئة، والتطوير الحضري. 

الدكتور كامل محادين استعرض في  الحوار المجتمعي تجارب عديدة تتشابه مع قضية أراضي مصنع الإسمنت في الفحيص، وقدم اقتراح «تبديل الأراضي»، أي إعطاء لافارج أراضي غير أراضي منطقة الفحيصية، وهو حلٌ يمكن أن تلجأ إليه الحكومة  إذا ارادت أن تضع حقوق مواطنيها، ومصلحتهم في المقام الأول، وإذا أرادت تصحيح الخطأ (أو الخطيئة) التي وقعت عند القيام بعملية الخصخصة، والمذكور في تقرير اللجنة الملكية لتقييم عمليات التخاصية (2013).  

رئيس البلدية أضاف أنه تم  تشكيل لجان لكل محور من محاور الحوار، وتم وضع خطة زمنية لتقديم هذه المحاور  ليتم رفعها بعد الانتهاء منها الى مجلس الوزراء، شاملة التصور النهائي، ورؤية أهالي الفحيص لأراضيهم. 

وانتهت البلدية من إعداد  المحور الأول، والثاني، وهي بصدد الانتهاء من المحور الثالث الأخير؛ ليتم رفع جميع المحاور متضمنة الرؤية المستقبلية لهذه الأرض.

بلدية الفحيص ترفع مذكرة الى رئاسة الوزراء بتاريخ 9 آذار 2019 

النائب فوزي  الشاكر بين أنه تم عقد لقاء مع نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر بحضور رئيس البلدية المهندس جمال حتر، وأعضاء المجلس البلدي، ورؤساء عدد من المؤسسات التطوعية، وتم تقديم مذكرة تبين المشروعات التي يريدها اهل الفحيص، وقال الشاكر إن نائب رئيس الوزراء أكد حق أهالي الفحيص في تقديم رؤيتهم المستقبلية، واستخدامات الأراضي، وطلب منهم إضافة إلى تطوير عناصر مشروع المقترح من دورة المجلس السابقة، اعتماد مذكرة تفاهم خاصة جديدة بالمشروع غير التي لم يتم التوافق عليها سابقا،  كما أكد أن الحكومة معنية بتطبيق القوانين الناظمة لعمل شركة الإسمنت، وإعداد دراسات الأثر البيئي الخاصة بأعمال مصنع الإسمنت استنادا إلى قوانين البيئة، وإخضاع أي مشروع يتم التوافق عليه من قبل بلدية الفحيص، والأطراف المعنية لدراسة الأثر البيئي.

 قال مدير التراخيص والحد من التلوث في وزارة البيئة فواز كراسنة إن الوزارة تقوم الآن تطبيق كل القوانين الأردنية الناظمة، والخاصة بالجانب البيئي في قضية مصنع الإسمنت منها ما هو متعلق بدراسة الأثر البيئي الخاصة بأعمال مصنع الإسمنت، إضافة الى إعادة تأهيل الأراضي التي جرى التعدين فيها، وتم رفع مخاطبات رسمية إلى إدارة شركة لافارج بهذا الخصوص، مبينا أن الوزارة ليست بصدد إجراء أية صريحات في هذا الخصوص. وبالرجوع والاستفسار من وزارة الإدارة المحلية بخصوص الجدل القائم بملف مصنع الإسمنت في الفحيص بينت الوزارة أنه لا توجد تصريحات من الوزارة، ودور الوزارة الآن يتمثل بالتدخل الحكومي الذي جرى بين نائب رئيس الوزراء، وأهالي منطقة الفحيص. 

البداية تأسيس مصنع الاسمنت 

في بداية الخمسينيات من القرن الماضي اتجهت المملكة الأردنية الهاشمية نحو الصناعة كغيرها من الدول المجاورة من أجل النمو في اقتصادها. ونظرا لتوافر المادة الخام المستخدمة في صناعة الإسمنت في الفحيص آنذاك، أسست الحكومة شركة مصانع الإسمنت الأردنية في مدينة الفحيص التي تبعد عن العاصمة عمان حوالي 18 كم.  

قال راضي زيادات في عام 1951 مُنحت الشركة حق امتياز الإسمنت في الأردن لمدة خمسين عاما، ولإنشاء المصنع استملكت الحكومة الأراضي الزراعية، المملوكة لسكان المنطقة الأصليين الفحيصية، وفي وقتها رفض  أصحاب الملكيات التنازل عنها؛ لأنها كانت تشكل مصدر عيش لهم، ولأنها هي أراضي زراعية خصبة. وبين أنه بفضل دعم الحكومة لإقامة المصنع نجحت في إخماد جذور المعارضة الأهالي آنذاك بالترهيب والترغيب، والترويج لمقولة: إدخال البلاد مرحلة التصنيع، وحاجة الوطن الماسة لمثل هذه الصناعة؛ لمواجهة استحقاقات المرحلة خصوصا بعد نكبة عام 1948 ، وبالتالي المقاومة كانت خجولة، وفرض الأمر الواقع على أصحاب الأراضي آنذاك، وتم استملاك الأراضي حسب قانون النفع العام لعام 1953 الذي طبق في حينها،  والذي ينص على:(أن تعود الأراضي لأصحابها عند انتهاء النفع العام من الأراضي)، علما أنه تم تعديل قانون الاستملاك أكثر من مرة،  وبدأ المصنع بالعمل والإنتاج في عام  1954، إذ بدأ الإنتاج بنح 200 طن إسمنت يوميا إلى أن زاد حتى وصل الإنتاج بتاريخ 2014 الى 3000 طن إسمنت يوميا.                  

كيف لوث مصنع الاسمنت منطقة الفحيص طوال 60 عام من تاريخ الإنشاء إلى تاريخ التوقف 

راضي زيادات قال عن الواقع البيئي في الفحيص: في بداية الستينيات لم يكن اهل البلدة بمواجهة مع الحكومة، وكون الشركة مملوكة للحكومة، وتمثل صناعة وطنية استراتيجية، كانت مطالب السكان بتنمية المجتمع المحلي فقط ، ودعمت الحكومة آنذاك لدية الفحيص بحصولها على فلس لكل كيس إسمنت، ولكن الحكومة تراجعت عن ذلك؛ مما أغاض أهالي المنطقة، الذين لم يستطيعوا آنذاك أن يفعلوا شيئا.

وأضاف زيادات: مع تشغيل الفرن الخامس والسادس زادت الملوثات البيئية بشكل كبير، واستولت  الشركة على الطرق الزراعية، وإغلقت المنافذ إمام الأهالي للوصول  إلى أراضيهم الزراعية شرقي المصنع، فقام أول احتجاج من نادي شباب الفحيص آنذاك، ثم أنشئت جمعية البيئة الأردنية لتقف في وجه التلوث البيئي الخانق في مدينة الفحيص. 

نضال مضاعين رئيس سابق للجمعية الملكية لحماية الطبيعة فرع الفحيص بين أن الصراع البيئي بين مجتمع الفحيص وشركة الإسمنت أخذ شكلا مؤسسي منذ عام 1992 إذ تم تأسيس جمعية البيئة الأردنية فرع الفحيص، وكذلك تأسيس الملكية لحماية الطبيعة في الفحيص عام 1994، ومنذ ذلك التاريخ حققت الفحيص العديد من المنجزات البيئية، ومنها: منع استخدام الفحم الحجري في عام 2005، ومنع استخدام الفحم البترولي الذي يعد وقودا رخيصا لعملية التعدين إلا أنه من الملوثات البيئية الخطرة على صحة المواطنين الساكنين في المنطقة. 

رئيس جمعية البيئة الأردنية السابق فرع الفحيص الدكتور فخري سميرات بين الفرع أعد دراسة كاملة عن واقع التلوث في الفحيص، مشيرا إلى أنه لم يكن الغبار وحده مصدر التلوث، كما كانت الشركة تقنع الأهالي أن الغبار المتطاير هو الملوث الرئيس للمنطقة، وإنما الغبار الناتج عن عمليات التعدين بالمواد الأولية بسبب التفجيرات، والحفريات، وتجريف التربة وتحميل المواد الأولية، ونقلها من المناجم إلى الكسارات، والغبار الناتج عن نقل المواد الأولية من مصادر خارجية، مثل: الرمل، والجبص، والبازلت حيث إن عمليات النقل والتفريغ، والتكسير والتخزين كانت نحو مليون طن، إضافة إلى الغبار الناتج عن العمليات الصناعية من طحن المواد الأولية، وحرقها لإنتاج خامة الإسمنت (الكلنكر)، والغبار الناتج عن نقل خام الإسمنت إلى الطواحين؛ لإنتاج مادة الإسمنت، والغبار الناتج عن عمليات حركة السيارات، والشاحنات، والآليات المستخدمة؛ لنقل المواد الأولية خصوصا أن جزءا كبيرا من هذه الحركة يتم على طرق ترابية داخل حدود المصنع، والغبار الناتج عن الرواسب الإسمنتية الموجودة في الشاحنات المقبلة إلى المصنع.

 وأضاف إن التلوث لم يتوقف عند الغازات فقط، إذ هناك تلوث ناتج عن حركة الشاحنات لأن الشركة تتعامل مع الآلاف من الشاحنات التي تنقل المواد الأولية ومنها الغازات العادمة من حرق الوقود فيها إضافة إلى حوادث السير، وحركة الضغط الذي سببته لأهالي المنطقة. 

ومن المخاطر الناتجة عن وجود المصنع الهزات الأرضية الناتجة عن التفجيرات التي قام بها لاستخراج المواد الأولية على مدار العام، وما شكله من اهتزازات وتشوية وتجويف المنطقة، إضافة إلى أن شركة مصنع الإسمنت أقامت مصنعها في الحوض المائي الذي ينبع منه النبع الرئيس الذي يستقي منه سكان الفحيص، وكانت الشركة تصرِّف المياه في الوادي الذي يمر فوق النبع الرئيس؛ مما أدى إلى تلوث مياه النبع، وحرمان السكان من استخدامها.

الواقع البيئي في المدينة خلق الاحتجاجات الأهالي 

 الواقع البيئي السيىء الذي عانته منطقة الفحيص جعل الاهالي ينضمون الاعتصامات فقد نظم الاهالي  الاعتصام الاول في عام 1993، والثاني عام 1994، وعام 1996، وكانت جمعيها تطالب بوقف جميع أشكال التلوث الذي يقوم بها المصنع ، وعندما قرر المصنع أيضا استخدام الوقود الرخيص ابتداء بالفحم الحجري، ومن بعده الفحم البترولي،  قام الأهالي أيضا بالعديد من الاعتصامات، والمطالبات الحكومية، وخاصة وزارة البيئة؛ للتدخل لوقف استخدامه إلى أن صدر قرار بوقف استخدام الفحم الحجري في صناعة الإسمنت في عام 2005 ، وكذلك تدخلت الحكومة في  قرار منع استخدام الفحم البترولي في عام 2012.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *