إحلال العمالة المحلية في قطاع الإنشاءات قرارٌ في مهب الريح

Posted by

تقرير إبراهيم الرشدان _ معهد الإعلام الأردني

  • عوض العجارمة ,,, جزءٌ من الحكاية.

” إحنا شباب بدنا نعيش ونتجوز ونفتح دور , لكن مش قادرين من ورا أصحاب المصالح اللي بظلهم ورا الأردني تا يكحشوه , بحجة إنه ما بنعرف أو مابدنا نشتغل , لا بنشتغل وبنشتغل أحسن من كل العمال الوافدين “.

بهذه الكلمات بدأ عوض العجارمة (28) عاماً حديثه لنا متطرقاً لمعاناةٍ سابقةٍ له خلال العمل في قطاع الإنشاءات كعامل مياومة مما إضطره لترك العمل ويلجأ لعملٍ آخر مشيراً إلى أنه عمل في قطاع الإنشاءات لعامين متتالين واضطر لترك العمل بذريعة أن أصحاب العمل يفضلون العمالة المهاجرة على العمالة المحلية .

العجارمة حالةٌ من مئات الحالات وربما الآلاف التي اضطرت لترك عملها ومصدر قوتها بسبب عدم رغبة صاحب العمل لوجودهم ولجوئه لتشغيل أيادٍ مهاجرة, فأصبحوا عاطلين عن العمل ينتظرون بفارغ الصبر فرصة عملٍ جديدةٍ ووعوداً بأن يخرجوا من عنق الزجاجة بدون عصاً سحرية التي تتذرع الحكومة دوماً بعدم امتلاكها وبحجة أن التحديات أمامنا كبيرة, فوعود وقرارات الحكومات لتوفير حياة أفضل للمواطن الأردني باتت حبيسة المكاتب , حتى أصبح الحال أنه و كلما أتت حكومة لعنت أختها ورمت بظلال التقصير والعجز عليها.

  • ارتفاع تحويلات العمالة المهاجرة في الأردن رغم تضييق الخناق عليها

في الوقت الذي تزداد فيه معدلات البطالة بين الأردنيين المستمرين برحلة البحث عن فرص عمل, تطالعنا أرقامٌ مرتفعةٌ لحجم تحويلات العمالة المهاجرة من الأردن إلى الخارج. وبهذا الصدد قالت رئيس قسم المدفوعات في البنك المركزي السيدة غادة شرف أن النشرات الإحصائية الشهرية تشير إلى أن قيمة تحويلات العمالة المهاجرة شهدت إرتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأربعة الأخيرة حيث بلغت في نهايـــــــة العام 2018 (  378.5 ) مليون دينار أردني .

شكل (1) مجموع تحويلات العمالة المهاجرة 2015-2018

الإرتفاع المستمر بحجم قيمة الحوالات دفع الجهات المسؤولة إلى فرض قيودٍ أردنية على تحويلات الوافدين, حيث ألزمت الحكومة عام 2016 شركات الصرافة والبنوك بعدم إجراء أي تحويل مالي للعمال الوافدين بدون إبراز تصريح ساري المفعول, لكن هذه القيود لم تتجاوز حدود مكاتب من أقرها بدليل الإرتفاع المستمر لقيمة التحويلات.

  • معدلات البطالة في الأردن,,,أرقام ومسببات

تشير جميع التعريفات الواردة حول البطالة إلى أنها ظاهرة اقتصادية سلبية تؤثر على تقدم الدول وعجلة التنمية فيها, وهي مؤشرٌ على إختلال التوازن في سوق العمل الذي يشهد فائضاً في(الطلب) مقارنةً بفرص العمل الموجودة (العرض) بحيث يكون هناك أفراد قادرين على العمل ويبحثون عنه ولم يتمكنوا من الحصول عليه.

و ذكر تقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية حمل عنوان ” أجندة الأردن 2017: صناعة السياسات في مرحلة اللايقين ” أنه وبالرغم من إرتفاع معدلات التنمية البشرية في الأردن على الصعيد العربي في عدة مجالات  إلا أن هناك العديد من التحديات في المجال الإقتصادي التي واجهته ومازالت تواجهه كضعف معدلات النمو الاقتصادي والعجز المالي في الموازنة العامة وارتفاع المديونية العامة للدولة وإرتفاع عجز الحساب الجاري وتدهور الوضع الاستثماري في المملكة وإرتفاع معدلات البطالة في المملكة.

ومن خلال قراءة في التطور الزمني لمعدلات البطالة في الاردن للفترة الزمنية (2010-2018) نلاحظ من هذه المعدلات أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً , ومن الجدير ذكره أيضاً أن معدل البطالة في الربع الأول من العام الحالي بلغ 19.0% .

وكان رئيس الوزراء الدكتور عمر الزاز كشف خلال حزيران من العام الحالي في تصريحات له عبر شاشة التلفزيون الأردني وخلال برنامج ستون دقيقة عن أن عدد العاطلين عن العمل في الأردن تجاوز  (388,000) ألف عاطل عن العمل .

شكل (2) معدلات البطالة في الاردن للفترة الزمنية 2010-2018

الخبير الاقتصادي وعميد البحث العلمي في جامعة اليرموك الأستاذ الدكتور قاسم الحموري قال أن هذا الإرتفاع يرجع لعدة أسباب أهمها تراجع معدلات النمو الإقتصادي حيث أن تراجع النمو بنسبة 1% من شأنه أن يفقدنا (20000) ألف فرصة عمل وكلما زاد بنسبة1% أيضاً يخلق لنا (20000) ألف فرصة عمل , وأضاف الحموري أن تراجع الإستثمارات المحلية والأجنبية في الأردن ساهم إلى حد كبير أيضاً في زيادة معدلات البطالة منوهاً إلى أن كل (20000) ألف دولار تخلق فرصة عمل واحدة .

ولفت الحموري إلى عدم مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل كأحد مسببات البطالة أيضاً حيث يشهد السوق الأردني فائضاً في عدد من المهن والتخصصات ويفتقر لمهن عديدة يحتاجها سوق العمل الأردني كالمهن الخاصة بقطاع الإنشاءات .

وتطرق الحموري إلى أثر الهجرات القسرية وغير القسرية خلال السنوات القليلة الماضية سيما القادمة من سوريا ودورها في زيادة معدلات البطالة في الأردن حيث أصبحت العمالة المهاجرة منافسة للعمالة المحلية وتسابقها على فرص العمل.

وأردف الحموري قائلاً أن مما زاد معدلات البطالة في الأردن لجوء أصحاب القطاعات الإنشائية والزراعية لإستخدام العمالة المهاجرة في مشاريعهم عوضاً عن العمالة المحلية الأمر الذي يجعل وحسب قوله ” من الصعب ولا بأي حالٍ من الأحوال إحلال العمالة المحلية مكان المهاجرة في هذين القطاعين بالذات” نظراً لطبيعة الأعمال الخاصة بهما وما تتطلبه من تحملٍ لظروف وبيئة العمل التي تستوجب الإنتظام والالتزام من قبل العاملين .

شباب أردنيين عاطلين عن العمل إلتقيناهم منهم براء الجالودي (26) عاماً وساري الزعبي (24) عاماً ذكروا  أسباب تمنعهم من الإقبال على العمل في القطاع الإنشائي حسب وصفهم, حيث ذكر الأول عدم توفر الأمن الوظيفي في هذه القطاعات وإمكانية كبيرة لتعرضه لإصابات العمل الخطيرة واحتمالية عدم شموله بمظلة الضمان الاجتماعي كونه سيتم معاملته كعامل مياومة.

فيما قال الزعبي ” وقت الشتا والثلوج أو انتهاء المشروع مين بده يصرف علي “في إشارة منه بالرغبة بالحصول على فرصة عمل تدر عليه راتباً شهرياً طوال العام وليس عنظام المياومة, مضيفاً أن العمل في هذا القطاع متعب جداً .

وفي المقابل وخلال تسجيلٍ صوتي للعامل الوافد وائل رجب ضيف الله رد سبب إقبال أصحاب العمل لإستخدام أيادي العمالة المهاجرة إلى كثرة ظروف العمالة المحلية “يوم تعبان , يوم عندي عرس” اضافة الى عدم مناسبة ظروف العمل معهم حيث تتطلب ” الصحوة من الفجر , ولو الأردني بده يشتغل بيشتغل .

تسجيل لأحد العمال المهاجرين

  • السياسات الحكومية المتعاقبة للتخفيف من نسبة البطالة

في مختلف المجتمعات تسعى جميع الحكومات إلى التخفيف من نسبة البطالة باعتبارها حالة سلبية تؤثر على إقتصاد الدول وتطورها, وأمراً مقلقاً بالنسبة للحكومات ومؤسسات الدولة المعنية وأصحاب القرار, فرسمت كل حكومة سياستها العامة بشكل يخدم المصالح الوطنية ويدفع عجلة التنمية والتطور والإزدهار , وكانت محاربة الفقر البطالة دوماً على قائمة الاولويات وأجندات هذه الحكومات .

الحكومة الأخيرة قالت في وثيقتها التي أصدرتها مؤخراً “ الحكومة في عام .. قرارات وارقام” أنها عملت في سبيل تخفيف معدلات البطالة على إعداد الإطار العام لإصلاح قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني من خلال استراتيجية تنمية الموارد البشرية لغايات مواءمة مخرجات منظومة التعليم الأكاديمي ومنظومة التعليم والتدريب المهني والتقني مع متطلبات واحتياجات سوق العمل من العمالة الأردنية المؤهلة والمدربة .

وأشارت الوثيقة إلى انها دعت الى زيادة قنوات الاتصال بين المؤسسات التعليمية وقطاعات الاعمال , وسعت لتوطيد العلاقة بين القطاعين العام والخاص في مجالات الاستثمار والتوظيف وبشكل يحفز القطاع الخاص على زيادة الاقبال على الايدي العاملة المحلية , كما وفتحت المجال لإقامة المشاريع الصغيره ودعمها وعززت من دور وعمل مؤسسات التدريب المهني التي تعمل على تدريب المنتسبين على المهن التي يحتاجها سوق العمل الأردني , وقامت بإطلاق برنامج خدمة وطن بهدف الحد من مشكلتي الفقر والبطالة .

وأضافت الوثيقة أيضاً أن الحكومة تعهدت بتوفير 30000 ألف فرصة عمل خلال العام الحالي وانه بلغ عدد المشتغلين لغاية إعداها حزيران الماضي 14277 عامل , وهو ما أكدته وزيرة الدولة لشؤون الإعلام قبل عدة أيام.

  • برنامج خدمة وطن ودوره في تخفيف معدل البطالة في الأردن

مؤخراً وتحديداً بداية العام الحالي أطلقت الحكومة ممثلة بوزراة العمل وبالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية برنامج خدمة وطن لتدريب وتأهيل ما مجموعه  (20000) ألف شاب أردني من الذكور والإناث خلال العامين 2019 – 2020 ضمن ثلاث قطاعات وهي (الصناعة والإنشاءات والسياحة) حيث يتم تدريبهم على هذه القطاعات داخل مشاغل القوات المسلحة ومعاهد مؤسسة التدريب المهني والشركة الوطنية للتشغيل والتدريب بحكم الشراكة المهنية بينهما وضمن إتفاقية عمل وقعت بينهما , حيث ضمت الدفعة الأولى 1543 من الذكور, و 600 من الإناث , وكانت نسبة الإقبال على المهن الانشائية 30%  بينما النسب الاخرى توزعت على القطاع الصناعي والسياحي بالنسبة للذكور والخياطة والتجميل بالنسبة للإناث .

  • مؤسسة التدريب المهني ودورها في رفد سوق العمل بالمهن المطلوبة

مساعد مدير عام مؤسسة التدريب المهني لشؤون التدريب الدكتور المهندس محمود الديسي قال أن المؤسسة ومن خلال مراكزها التدريبية البالغ عددها 43 مركزاً والمنتشرة في مختلف مناطق المملكة تهدف إلى تدريب الشباب الاردني وتسهيل انخراطهم في سوق العمل الأردني ورفده بالمهن التي يحتاجها في مختلف القطاعات باستثناء المهن الإنشائية والتي تم حصرها لدى الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب .

  • الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب الجهة الوحيدة في الأردن والمتخصصة بالتدريب على المهن الإنشائية

خلال لقاء المهندس محمد الصعوب مدير دائرة التدريب في الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب والمملوكة للقوات المسلحة الاردنية بنسبة 51% و49% لوزارة العمل ممثلة بمؤسسة التدريب المهني, لفت الصعوب إلى أن الشركة هي الجهة الوحيدة في  مجال تدريب الشباب على جميع المهن الإنشائية حيث أن الشركة استطاعات ومنذ تأسيسها في العام 2007 بإرادة ملكية سامية كان نصها ” فقد أوعزت للقيادة العامة للقوات المسلحة الشروع في تنفيذ مشروع لاستخدام مدنيين في القوات المسلحة الأردنية للعمل في قطاع الإنشاءات بالتنسيق مع وزارة العمل ومؤسسات القطاع الخاص من أجل تسليح الشباب في مختلف المحافظات بالمهارات والقدرات اللازمة للعمل والعطاء وزيادة الانتاج ” استطاعت تدريب 25507 أشخاص تخرج منهم لغاية الآن 21732 , تم تشغيل 71% منهم في القطاعين العام والخاص بواقع 15488 شخص.

شكل (3) عدد المتدربين والخريجين والمشتغلين من خلال الشركة الوطنية من عام 2007- 2019

وأضاف الصعوب أن الشركة تضم معاهد ومشاغل في أقاليم الشمال والوسط والجنوب والبادية الأردنية يبلغ عددها 17 معهداً وتم تدريب 19 دفعة لغاية الان وحالياً جاري العمل على تدريب الدفعة 20, ويتم التدريب على المهن المساندة لمدة 8 اشهر والمهن الانشائية 6 اشهر اضافة الى تدريب الإناث على مهنتي الخياطة وحلاق نسائي.

   وحول آلية التدريب قال الصعوب أنه يتم عبر ثلاث مراحل تبدأ بمرحلة التدريب الوطني لتنمية الحس الوطني والانضباط في العمل لدى المتدربين ثم مرحلة التدريب النظري والعمل داخل معاهد الشركة للتعرف على حيثيات المهنة وختامها يكون  التدريب في مواقع العمل في الشركات ومؤسسات القطاع الخاص لتمكين المتدرب من ممارسة المهنة على أرض الواقع.

وأضاف الصعوب أن من أهم المهن في قطاع الإنشاءات التي يتم التدريب عليها مهنة نجار طوبار , حداد تسليح , قصارة , بليط .

وحول تبعات القرار الأخير قال الصعوب ان على وزارة الاشغال عند تحديد نسبة تشغيل العمالة المحلية في العطاءات أن تحدد أيضا مجال العمل لأن المقاولين يستخدمون العمالة المحلية وبالنسبة المطلوبة لكن بمهن إدارية كحراس ومراسلين على سبيل المثال , طالباً أيضاً تحديد مسارات العمل لهم كمهنيين مدرَبين ولديهم الكفاءة والقدرة على إتقان مهنهم التي يمارسوها .

  • إشتراط عمالة أردنية بنسبة100% لمشاريع الإنشاءات الحكومية مع المقاولين الأردنيين القرار القديم الجديد تاريخياً

عقدت الحكومة في نيسان من العام الحالي إجتماعا تم فيه مناقشة التحديات التي تواجه قطاع الإنشاءات في المملكة والخروج بقرارات وتوجهات واضحة لدعم القطاع في تجاوز التحديات وتعزيز مساهمته في التنمية الاقتصادية.

تشغيل الأردنيين كان على سلم أولويات الاجتماع وتم التوافق على أن تكون العمالة الأردنية بنسبة 100 % في مشاريع الأشغال الحكومية التي تطرحها وزارة الأشغال العامة والإسكان والوزارات الأخرى على مقاولين أردنيين وأن يكون أي استثناء بهذه النسبة مبرراً, أما بالنسبة للمشاريع والعطاءات الخاصة فتكون نسبة العمالة المحلية تشكل الأغلبية , وأن تكون العمالة المهاجرة العاملة في هذه المشاريع مرخصة وأن يتم العمل على تصنيف عدد من المهن المغلقة أمام العمالة المهاجرة.

ويذكر أن هذا التوجه ليس الأول من نوعه حيث صدر سابقاً نظام البناء رقم 131/2016 والمتضمن الزامية تشغيل العمالة المحلية مكان العمالة المهاجرة في قطاع الإنشاءات والمشاريع التي تنفذها الحكومة في مختلف المحافظات وتشغيل أيدي عاملة محلية من أبناء هذه المحافظات.

  • الحكومة والتخبط في القرارات : تعلن تضيق الخناق على العمالة المهاجرة من الأردن , ومن مصر تؤكد على أساسية مساهمتها في الاقتصاد وتوعد بتقديم التسهيلات لها .

مؤخراً وخلال إجتماعات اللجنة العليا الأردنية المشتركة في دورتها الثامنة والعشرين في القاهرة العاصمة المصرية أكد الجانب الأردني أن العمالة المصرية في الأردن جزء من مسيرة الاقتصاد والانتاج في الاردن وان مساهمتها في قطاع الزراعة والانشاءات والخدمات أساسية جدا .

وأشار الجانب الاردني أيضا أنه لم يتم توثيق عدد العمالة المصرية في الاردن بشكل دقيق لغاية الان لعدم تسجيل جزء منها, وأن الحكومة ستعمل على تقديم مزيد من التسهيلات للعمالة المهاجرة المصرية في القطاعات التي يحتاجها سوق العمل و كان من جملة الاتفاقيات الثمانية التي تم توقيعها بين الجانبين توقيع اتفاقية أردنية مصرية في مجال الإسكان والتشييد والبناء .

  • وزارة العمل ودورها في تنظيم العمالة المهاجرة في الأردن

الاستاذ المحامي بلال سلهب مدير مديرية العمالة الوافدة في وزارة العمل قال أن عدد العمالة المهاجرة في المملكة والمسجلين لدى الوزارة بلغ قرابة (300,000) ألف عامل منهم (27,000) عامل يعملون في قطاع الانشاءات والتشييد سواء في العطاءات الحكومية ضمن شروط في العطاءات الحكومية او في العطاءات والمشاريع الخاصة, لافتاً سلهب إلى أن عدد العمالة المهاجرة الفعلية على أرض الواقع في مختلف القطاعات يقترب من (المليون ونصف المليون) عامل حسب اعتقاده , وأكد أن الوزارة تمنتنع دائما ًعن إعطاء أي تصاريح عمل لعمالة وافدة لغايات العمل في العطاءات والإنشاءات الحكومية إلا باستثناءات ومهن محددة تبرر ذلك كعدم توفرها لدى العمالة المحلية .

  • شكل (4) نسبة العمالة الوافدة المرخصة في قطاع الإنشاءات

الناطق الرسمي باسم وزارة العمل السيد محمد الخطيب  قال أن الوزارة قامت وخلال الفترة (31-6-2018/1-5-2019) بزيارات تفتيشية على سوق العمل بمختلف قطاعاته بواقع 59741 زيارة وتم ضبط 12060 عامل وافد مخالف اتخذ قرار بتسفير 5586 عاملاً منهم , ومازالت حملات التفتيش مستمرة.

وأضاف الخطيب أن الوزراة تعتمد نسبة تشغيل العمالة المهاجرة مقابل العمالة المحلية في قطاع نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنية 50% عمالة محلية ومثلها عمالة مهاجرة بالشكل الذي لا يؤثر على القرار الحكومي الأخير بحيث تكون النسبة الكبرى من العمالة المهاجرة في القطاع الخاص ونسبة قليلة حسب الحاجة في القطاعات الحكومية .

يذكر أن كتاب صادر عن وزارة العمل بتاريخ 4-1-2016 تضمن قائمة المهن المغلقة أمام العمالة المهاجرة وبعد إستعراض هذه المهن نجد أنها وضعت من أجل فتح المجال للعمالة المحلية العمل بهذه المهن دون أن ينافسها عليها عمالة مهاجرة ومن أجل تنظيم سوق العمل الاردني , ولكن لم تتضمن هذه القائمة أية مهن في قطاع الإنشاءات .

  • العائد المالي حال تشجيع  العمالة المهاجرة الغير مرخصة على إستصدار تصاريح عمل

وبالنظر إلى تصريحات سلهب حول العدد الفعلي لحجم العمالة المهاجرة الغير مرخصة نجد أنها قرابة المليون ونصف المليون عامل , والحاصلين على تراخيص هم ثلاثمائة ألف عامل فقط , الأمر الذي يفتح للحكومة مجالاً لجلب مبالغ مالية طائلة حال تشجيع الغير مرخصين على إستصدار تصاريح عمل , فلو كانت تكلفة كل تصريح خمسمائة دينار وعدد الغير حاصلين على تصاريح هم مليون ومئتان ألف عامل  نجد أن هذه الخطوة ترفد الخزينة بمبلغ خمسمائة مليون ومائة ألف دينار أردني .

  • وزارة الأشغال العامة والإسكان ودورها في تنظيم ورقابة تنفيذ العطاءات والعمالة والمردود الاقتصادي لقطاع الإنشاءات على الاقتصاد الوطني

الناطق الإعلامي في وزارة الأشغال العامة والإسكان وأمين سر مجلس البناء الوطني الدكتور جمال قطيشات قال أن وزارة الأشغال العامة والإسكان تسعى لتشجيع الشباب الأردني على العمل في قطاع الانشاءات وتنظيم العمالة الوافدة في هذا القطاع وذلك من خلال تمكين المهندسين والفنيين وأصحاب المهن الانشائية الانخراط في العمل الانشائي في مختلف المشاريع والعطاءات الحكومية والخاصة. ولفت الى أن قطاع الانشاءات يشكل رافداً اقتصادياً هاماً حيث اشارت التقارير الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة أن هذا القطاع ساهم في الناتج المحلي الإجمالي من العام2018 في الأسعار الثابتة بنسبة 2,9%  .

شكل (5) نسبة مساهمة قطاع الإنشاءات في الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات 2008- 2018 بالأسعار الثابتة

الأرقام حسب التقارير الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة

وأضاف قطيشات أن قرار إحلال العمالة المحلية في قطاع الإنشاءات هو مكمل لنظام البناء 131/2016 والذي تم إقراره سابقا حيث تم وضع تعليمات خاصة به من خلال وزارة الأشغال العامة والإسكان ممثلة بمجلس البناء الوطني الذي دعا الى العمل على تصنيف مهن العمالة الوافدة وتحديدها وعدم تركها معومة وشاملة وإدخال المكنكة في قطاع الإنشاءات باستخدام التكنولوجيا وتشجيع العمالة المحلية على الانخراط في هذه المهن إضافة الى وضع حوافز تشجيعية للمقاولين الذين يلجأون للعمالة المحلية كأن يتم احتساب نقاط إضافية عند طرح العطاءات .

وقال قطيشات أن المشكلة تزداد في القطاع الخاص الذي يستخدم عمالة وافدة بنسبة 71% في مشاريعه وأن الحكومة تسعى لأن تكون النسبة 50% عمالة محلية ومثلها وافدة في هذا القطاع .

  • عدم التنظيم في القطاع الانشائي

من الأمور التي تحول دون تنفيذ القرار بالشكل المطلوب في قطاع الإنشاءات أنه قطاع غير منظم بحسب الصعوب الذي أكد أن هذا القطاع والعمالة فيه تنشط في أشهر معينة وتتراجع في أشهر أخرى خلال السنة الأمر الذي يقلل من نسب الاقبال عليه من قبل العمالة المحلية ويؤدي بالعمالة المهاجرة والعمالة المحلية البسيطة فيه إلى البحث عن العمل في قطاعات أخرى تمكنهم من جلب مردود مالي مما يؤدي الى عدم السيطرة على العمالة المهاجرة بسبب التنقل العشوائي بين القطاعات  وعدم الالتزام بنوعية التصاريح الممنوحة لهم .

ومن الأمور الأخرى التي تجعل القطاع الانشائي يخلو من التنظيم بحسب القطيشات بأن هذا القطاع متشابك ومتداخل مع قطاعات أخرى من حيث تشابه المهن الخاصة فيه مع المهن في القطاعات الأخرى الأمر الذي يدعو إلى تصنيف المهن وتحديدها وعدم بقائها شاملة .

  • إصابات العمل في قطاع الإنشاءات

تنص الفقرة (أ) من المادة 87 من قانون العمل الأردني على أنه ” إذا أصيب عامل بإصابة عمل أدت إلى وفاته أو ألحقت به ضرراً جسمانياً حال دون استمراره في العمل فعلى صاحب العمل نقل المصاب إلى مستشفى أو أي مركز طبي وتبليغ الجهات الأمنية المختصة بالحادث وأن يرسل إشعاراً إلى الوزارة بذلك خلال مدة لا تزيد على (48) ساعة من وقوع الحادث ويتحمل صاحب العمل نفقات نقل المصاب إلى المستشفى أو المركز الطبي لمعالجته” .

كما وتنص المادة 88 من نفس القانون على أن صاحب العمل يكون مسؤولاً عن دفع التعويض المنصوص عليه في هذا القانون للعامل الذي يصاب بمرض من أمراض المهنة ناشىء عن عمله وذلك بالاستناد الى تقرير من المرجع الطبي.

حيث أوجب القانون أيضاً على صاحب العمل توفير الإحتياطات والتدابير اللازمة لحماية العمال من الأخطار والأمراض التي قد تنجم عن العمل وعن الآلات المستعملة فيه إلا أن كثيراً من أصحاب العمل و المشاريع لايلتزمون بهذا الأمر ويتنصلون من مسؤولياتهم تجاه العاملين الذين يفتقدون لأدوات السلامة الواجب توافرها سيما في قطاع الإنشاءات حيث أشارت تقارير المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي إلى ارتفاع نسبة إصابات العمل في هذا القطاع مما يجعل منه سبباً لعزوف الشباب الاردني عن العمل فيه .

وحسب تقرير إصابات العمل لعام 2016 تشير النتائج إلى وقوع وفاة إصابية كل 3 أيام في القطاعين الخاص والحكومي , ويبلغ الضمان الاجتماعي عن حادث عمل كل 39 دقيقة وبلغ معدل وقوع إصابات العمل في مختلف القطاعات (10,2) لكل 1000 مؤمن عليه حيث سجل  13345حادث عمل في هذا العام.

وجاء معدل وقوع إصابات العمل في قطاع الإنشاءات بالمرتبة الأولى بمعدل وقوع (34,9) لكل ألف شخص مؤمن عليه , وعن جنسية المصابين المؤمن عليهم بالنسبة للأردنيين أتى قطاع الانشاءات في المركز الثاني بمعدل وقوع  32.8 إصابة عمل لكل 1000 مؤمن عليه أردني, أما المؤمن عليهم غير الأردنيين أتى قطاع الإنشاءات في المركز الأول بمعدل 39.1% إصابة لكل 1000 مؤمن عليه غير اردني .

أما تقرير عام 2017 فأورد أن هناك وفاة  ناجمة عن حادث عمل كل يومين في القطاعين العام والخاص, وأن هناك حادث عمل كل 40 دقيقة وبلغ معدل وقوع الإصابات (9,3) لكل ألف مؤمن عليه حيث سجل 13079 حادث عمل وبانخفاض عن العام 2016 بنسبة 4,3%  .

وبلغ معدل وقوع الإصابات في قطاع الإنشاءات بالمرتبة الثانية بمعدل 23,6 لكل ألف مؤمن عليه , وأشار إلى أن معدل وقوع الإصابات للأردنيين جاء بالمرتبة الثالثة في قطاع الإنشاءات بمعدل وقوع 26,3 لكل 1000 مؤمن عليه أردني , ولغير الأردنيين كان قطاع الإنشاءات بالمرتبة الثالثة أيضاً وبمعدل وقوع 18,9 لكل 1000 مؤمن عليه غير اردني.

شكل (6) معدل وقوع إصابات العمل في قطاع الإنشاءات لعامي 2016و2017 لكل ألف شخص مؤمن عليه

وخلال جولة لنا في أحد المشاريع الخاصة قال المهندس التنفيذي للمشروع معاذ الأسمر أن الشباب الأردنيون غير مرغوب فيهم كثيراً للعمل في قطاع الإنشاءات من قبل المقاولين وأصحاب المشاريع بحجة أن عطلهم وظروفهم المتكررة والمعتادة من شأنها إعاقة سير العمل وأن العطاءات لديها مدة التزام , وأن غالبية المشاريع الخاصة 90% من العمال فيها هم من العمالة المهاجرة وأن تشغيل الأردنيين بنسب بسيطة لغايات ظهورهم أمام لجان التفتيش فقط في حال قامت وزارة العمل بالتفتيش على المشروع , مضيفاً أنه كمهندس تنفيذي ليس بمقدوره تشغيل أيدٍ محلية او تحديد نسبة العمالة فهو كما يقول مجرد ” عامل مثلي مثل أي عامل وبوخذ راتبي مثلهم من المقاول” .

  • نسبة التراجع في قطاع الإنشاءات في العام 2018 بلغت 40%. 

كان نقيب مقاولي الإنشاءات الأردنية المهندس أحمد اليعقوب كشف مؤخراً في تصريحات له عن أن نسبة التراجع في قطاع الإنشاءات في العام 2018 بلغت 40%.

و قال اليعقوب أن حجم العمل في قطاع الإنشاءات في العام 2018 تراجع في القيمة المقدرة للمشاريع المطروحة بما يزيد عن 700 مليون دينار قياساً بالعام 2017 وبما نسبته 40% من حجم المشاريع الكلي , حيث بلغت القيمة للمشاريع المطروحة في العام 2018 حوالي مليار ومائة مليون موزعة على القطاعين العام والخاص مقابل مليار وثمانمائة مليون دينار في العام 2017 .

  وبالعودة إلى التقرير السنوي لنقابة مقاولي الإنشاءات الأردنية نجد أن قيمة المشاريع التي طرحت في العام 2018 للقطاعين العام والخاص كان توزيعها على محافظات المملكة كما هو بالشكل التالي: حجم العمل في المحافظات لعام 2018 بالمليون دينار .

شكل (7) خارطة تفاعلية لقيمة حجم العمل للمشاريع المطروحة في المحافظات لعام 2018 بالمليون دينار .

  • قرار الحكومة بإحلال العمالة المحلية في قطاع الإنشاءات والحلقة المفقودة

يبدو أن الحكومة الأخيرة تعتقد بأن نسب إنجازاتها تقاس بعدد القرارات والتوجيهات التي تطلقها فعندما وجهت الجهات المعنية لتنفيذ القرار كان لابد  لها أولا من دراسة دقيقة لإمكانية تطبيقه على أرض الواقع و مدى الإلتزام المتوقع من قبل المقاولين وفي حال التزم الجميع بتنفيذه هل سيتمكن أصحاب العمل ومقاولو المشاريع  من تأمين عمالة محلية مدربة ومؤهلة قادرة على أن تحل مكان العمالة المهاجرة وهل تنفيذ هذا القرار سيعيق النشاط الإنشائي في الأردن في حال أصبح هناك شحٌ في الأيدي المهاجرة في قطاع الإنشاءات ؟ .

أسئلة وتصورات كثيرة كان يجب على أصحاب القرار أن يضعوها أمامهم وقت طرح القرار الذي ما زال حبيس المكاتب والأدراج والذي لم يتعدى تأثيره وصداه نظر الحكومة من على الدوار الرابع لوجود حلقة مفقودة تقيم نتائج القرارات.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *