خدماتٌ غائبة في مواقعَ أثريّة رغم حضورِ أموالها في الموازنة العامّة للدَّولة

Posted by

إعداد وتحرير آية أحمد العموش – معهد الإعلام الأردني 2022

يوجد في الأردن مئةَ ألف موقعٍ أثري، مُسجّلٌ منها ما يقارب 15.000 ألف موقع لدى وزارة السياحة والآثار ودائرة الآثار العامّة، ستة مواقع منها مُدرجة على قائمة التراث العالمي  لليونسكو بحسب الناطق الإعلامي لوزارة السياحة والآثار أحمد الرفاعي.

وأوضح الرفاعي بأنَّ المواقع الأثريّة تعتبرُ سياحيّة إذا توفّرت فيها الخدمات العامّة، التي تؤهلها لإستقبال الزوار والسائحين. وقال “إن كافة المناطق الأثرية المسجّلة لدينا، يتوافر فيها مراكز زوار تتبعُ لوزارة السياحة والآثار، يُخصص لها مبالغ سنوية في موازنة الوزارة، وتتضمن بعض هذه المراكز، قاعاتٍ للعرض والأفلام، والاجتماعات، وأماكن للاصطفاف، ومرافقَ صحيّة”.

وأضاف الرفاعي أنَّ من مهام الوزارة رفع مستوى الخدمات التي تُقدّم للسِّياح، وتسهيل المعاملات المُتعلقة بهم بالتعاون مع الجهات المختصة داخل المملكة وخارجها، إضافةً إلى توفير وسائل الراحة والرعاية لهم، ووضع برامجَ شاملة للدعاية السياحية والإشرافِ عليها وترويجها داخل الأردن وخارجه، بالإضافة لعقد الاتفاقيات مع المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية بموافقة مجلس الوزراء.

قصر العبد.. الخدمات معدومة

يُعتبر قصر العبد من المواقع الأثريّة الهامّة في العاصمة عمّان بمنطقة “عراق الأمير” والمسجّل لدى دائرة الآثار العامّة، وهو أحد أهم الآثار الهيلينستية المتبقية في الأردن، وذلك لأنَّ معظمها طُمرت تحت الأبنية الرومانية، حيثُ تمثل هذه الحضارة ذروة النفوذ اليوناني في العالم القديم بين 323 – 146 قبل الميلاد تقريبًا.

مدخل قصر العبد من الجهة اليمنى – تصوير آية العموش

ويفتقرُ المكان إلى العديد من المرافق من بينها موقفاً لاصطفاف السَّيارات، والمرافق الصحيّة التي تعتبرُ من الأساسيات في أيِّ مكان سياحي، كما أنه لا يوجد كشكٌ لبيع التذاكر، علمًا أن تذكرة السائح الأردني تبلغ ربع دينار والسائح الأجنبي دينار أردني بحسب نظام رسوم الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثريّة وتعديلاته لسنة 2002.

القصر الذي يقع على مسافة (24) كيلو متر إلى الغرب من عمان، عند البوابة الخارجيّة لمدخله يوجد عددًا من حاويات جمع النفايات والتابعة لوزارة السياحة والآثار، بالإضافة إلى تواجد غرفة زوار في حرم القصر مُغلقة بالأقفال وزجاج نوافذها مُكسّر، بالرغم من تخصيص مئة ألف دينار لصيانة وتأهيل مراكز الزوار في المواقع الأثرية سنويًّا من قِبل موازنة وزارة السِّياحة والآثار.

في هذه الغرفة يتم استقبال الزوار وعرض مقاطع فيديو خاصة بالمكان – تصوير آية العموش

وذكر أبو ريم أحد سكان المنطقة، وهو أحد الشهود على الخدمات التي تُقدّم في هذا الموقع، أنه تمّ تركيب سياج معدني مثبّت يحيط بحرم القصر قبل أشهر، إلّا أنَّ العبث من السكان عاد إليه، وبسبب عدم وجود إجراء رادع فقد تم العبث به وفتحه، ورغم اتساع رقعة القصر إلا أنه محاط بأربعة كشافات ضوئيّة وأربع سِلال للمهملات فقط.

وأضاف محمد العبادي وهو أحد سكان المنطقة أيضًا أنَّ هناك أحجارًا أثريّة متناثرة في كلّ مكان وخلف القصر أكوامٌ من طوب الترميم، متواجدة في الموقع وموضوعةً للعرض دون وجود رقيب عليها، وبإمكان أيِّ شخصٍ أن يسرق منها ما يشاء، وأن اللافتات التعريفيّة متهالكة، والأبواب الحديديّة يتعثر بها الزائر. كما أشار إلى أن المسؤول عن بيع التذاكر يتواجد أحياناً وأحياناً لا يكون موجوداً.

قال أبو عمر أحد الزائرين للمكان، أنَّ المكان يفتقر إلى مُرشد سياحي، ومرافق صحيّة، ومكان لاصطفاف السَّيارات، بالإضافة إلى أنَّه غير آمن للأطفال، ولا يحتوي على كشك لتلبية احتياجات الزوار من المأكولات والمشروبات وغيرها، وأضاف أبو عمر أن بعض الأفراد يصعدون على الأعمدة الأثريّة ويحاولون العبث بها، في غياب الرِّقابة على المكان للمحافظة على ديمومته.

يوضّح الرسم البياني أعلاه نسبة التغير لثلاثة سنوات في مخصصات تطوير وتأهيل الموقع الأثري قصر العبد المُدرج في برنامج المحافظة على الإرث الحضاري في موازنة دائرة الآثار العامّة لثلاثة أعوام، إذ بلغ المبلغ المُخصص لعام (2020) 68.000 دينار بنسبة 2.7% من كافّة مجموع تكاليف البرنامج، ثم انخفضت النسبة في عام 2021 لتصبح 0.63% من كافة مجموع التكاليف الخاصّة بتلك السنة، وفي عام 2022 ارتفع المبلغ لـ30.000 بنسبة 0.37% من كافة تكاليف البرنامج.

وأكد عميد كليّة السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية فرع العقبة الأستاذ الدكتور إبراهيم بظاظو على الأهميّة البالغة لزيادة الإهتمام بمخصصات قصر العبد حيث يرى أن مبلغ 30 ألف دينار غير كافي لمكان بهذهِ الأهميّة والتاريخ، ويبيّن أنَّ قصر العبد يُعد من أهم المواقع الأثريّة في الشَّرق الأوسط وهو أيضًا من المواقع الفاصلة بين الإمبراطوريّة اليونانية -الحضارة الهللنستية- والرومانيّة في الأردن، وقد توقف استكمال بناء طابقه الثاني في تلك الفترة.

وقد يرى البعض أنَّ بعض الأماكن الأثريّة مجرد أحجارٍ مصفوفة فوق بعضها البعض وليست بهذه الأهميّة، ولكن لمن يعرف التاريخ ويعي تطوّر الحضارات سيرى بعقله قبل عينه الحجم التاريخي والغِنى المعرفي لهذه الأماكن بحسب بظاظو.

مُدرج على قائمة التراث العالمي.. قُصير عمرة خدمات شبه معدومة

من السُّهولة أن تقطع مسافة (85) كيلو مترًا لتزور موقعاً أثرياً مُدرجاً على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو وخارطة السِّياحة ولا تجدُ شاخصة إرشاديّة واحدة تُخبرك وتدل على مكانه، وفي بداية الرحلة يجد الزائر صعوبة بالوصول إلى المكان بسبب عدم تهيئة الطريق وخطورتها، هكذا قال أحمد السالم أحد الزائرين لقُصير عمرة.

قُصير عمرة والذي يقعُ في منطقة الأزرق شمال الصَّحراء الأردنيّة بالقرب من الحدود الأردنيّة السعوديّة، هو أحد قصور الوليد بن يزيد سادس الخلفاء الأمويين والذي تم بناؤه في عهده، وكان عبارة عن قلعةً تأوي الحرّاس ومحلّ إقامة الخلفاء وكان يحفل بصور زخارف وحيوانات ومشاهد صيد وأجرام سماوية، لدرجة أنَّ بعض الآركولوجيين صنّف تلك الرسوم بأنَّها الأقدم على الإطلاق في تصوير الأبراج الفلكية على سطح كروي.

يحيط بقُصير عمرة ساحة رملية كبيرة مسيجة بسياج حديدي – تصوير آية العموش

للوصول إلى القُصير لا بدَّ من المشي في ممرٍ ترابيٍ طويل، وعلى حافة “قُصير عمرة” مقابل مركز الزوار يوجد خيمة لبدوٍ يبيعون بعض الهدايا التذكارية للسيّاح، أضاف السالم أنه بعد طول انتظار جاء رجل من الخمية يُعطيه والزائرين مفتاح القصر، في أقل من نصفِ دقيقة ودون أن يسألهم عن اسمهم ولا من أين جاءوا، وأنه سلّمهم مفاتيح القصر الأمويّ كسلًا حتى لا يضطر للمسير مسافةً قصيرة نحوه في لهيب شمس الظهيرة.

ووصف السالم القُصير بعد أن فتحت بابه الكبير السائحة الأستراليّة والموصد بمغلاقين، بأن الدهشة لم تكتمل أمام العبث الماثل فيه، وأن جدرانه علتها كتابات كثيرة حُفر عليها اسم كلّ زائر وعشيقته أو عشيرته مع تاريخ تواجدهم من قِبل هواة تخليد الذكريات، وأعرب عن استيائه من القُصير كونه مشوّه بالكامل من أسفله إلى أعلى قبة فيه، بالإضافة لعبث العابثين بكل النقوش والرسوم التي لا تقدر بثمن.

وأضاف السالم أن أمام باب القُصير بئر ماءٍ ذا قطر اسطواني كبير، وفوهة واسعة يكاد المرء أن يسقطُ فيها بمجردِ الاقتراب منها، وأن مركز الزوار موصد بقطعة حديد ويملؤه الكثير من الأتربة والأوساخ، واللافتات التعريفيّة فيه مهترئة، بالإضافة إلى وجود حشرات ميتة على الأرض، والمرافق الصِّحيّة لا يمكنُ دخولها لسوئها وسوء رائحتها.

يفتقر المكان لوجود حارساً أو قيّماً له، ومفتاح القصر يتواجد لدى صاحب الخيمة وهو أحد قاطني المكان، حيث قال إنّ الموقع يعاني من قلة الاهتمام به وبالآثار المتواجدة فيه فلا وجودَ للوحاتٍ إرشادية تشرحُ أهميّته وتاريخه، كما أشار إلى أن الموظفين المسؤولين عن المكان واستقبال الزائرين وبيع التذاكر في الغالب يغادرون قبل الساعة الثانية عشرة ظهراً، وأضاف أنه يرى الموظفين المسؤولين عن تنظيف المرافق الصحيّة، يأتون مرّة واحدة في الأسبوع، ولا يقومون باللازم.

وأضاف السالم أنه وصل لقصر الحرانة ولم يجد حارساً يجود عليه بمفاتيح المكان كما وجد في قُصير عمرة.

مدخل قصر الحرّانة أحد القصور الصحراويّة – تصوير آية العموش

ومن جهةٍ أخرى قال بظاظو إن كثيراً ممن يعملونَ في القطاع السياحي لا يعرفونَ ما هو قُصير عمرة، ونوّه إلى مشكلة سير مجاري المياه الآتية من المملكة العربية السعوديّة والتي غيّرت مسارها خلال الخمس سنوات الماضية، حيثُ إنَّها تأتي على شكل فياضانات فجائيّة، وستُسبب اندثارًا وانجرافًا في القُصير اذا لم يتم علاجها.

ووصف بظاظو الموقع بأنه موبوءٌ صحيّاً من مركزِ زوارهِ إلى مرافقهِ الصحيّة، وأنَّ الاهتمام فيه سابقًا كان ملحوظاً بشكلٍّ كبير لدرجة أنَّ صورة القُصير كانت مطبوعةً على العملة الأردنية من فئة الخمس دنانير في عهد الملك الحسين الباني، وذكر أنه في عام ٢٠١٤ تمَّ الاحتفال بيومِ التراث العالمي في قُصير عمرة برعاية وزير السياحة آنذاك نايف الفايز وتم استعراض المشاكل والتحديات كافة التي يواجهها القُصير إلّا أنَّ الحال للآن لم يتغيّر.

أما عن المكاتب السياحيّة فذكر بظاظو أنها ترفُض أن تقومَ بجولاتٍ إلى القصور الصحراوية بسبب سوء خدماتها وسوء الرِّعاية والمتابعة والنَّظافة فيها، فالسيّاح يعرفون عن وجود البتراء وجرش وقلعة عجلون ولا يعرفون عن القصور الصَّحراوية المنتشرة في المملكّة.

وقالت رجاء جزّار وهي مديرةٌ عامّة لشركةٍ مُختصة في السِّياحة الوافدة إنّها ترفضُ وضعَ القصور الصحراويّة ضمن برامج السياحة لسوء الخدمات المُقدّمة فيها للسيّاح رغم مطالبة دائرة الآثار من الشركات السياحيّة بوضعها ضمن برامجها، مما يؤكد كلام بظاظو.

يشير الرسم البياني أعلاه إلى نسبة التغير في مخصصات مشروع تأهيل وتطوير مراكز الزوار المدرج في برنامج تطوير بيئة ممكنة للسياحة في موازنة وزارة السياحة والآثارللأعوام 2020 وبلغت حصتها مبلغ 1.199.989 مليون دينار وشكّلت ما نسبته 10.4% من كافة مجموع مخصصات البرنامج، وانخفضت حصتها في عام 2021 لتصبح مئة ألف دينار وبنسبة 1.18% من كافة مجموع مخصصات البرنامج، أمّا في عام 2022 لم يتغير المبلغ المخصص والبالغ مئة ألف ولكن قلّت النسبة لتصبح 0.13% من كافة مجموع المخصصات.

وفسّر الدكتور في كليّة الآثار في جامعة اليرموك معن العموش أنَّ من الطبيعي انخفاض المبلغ والنسبة الخاصة بمركز الزوار من عام 2020 إلى عام 2021، كونه رأى أنّ النفقات السابقة ربما تكون تأهيليّة وتشغيليّة لمركز ما، ففي بداية إنشاء أو تأهيل مركز ما يتم إنفاق مبلغ كبير عليه وبعد ذلك ينخفض المبلغ بحكم استقرار عمل مركز الزوار واكتمال المنشأة كمبنى مع تجهيزاته.

وقال بظاظو إنَّ طريقةَ تخصيص مبلغٍ واحد لمراكز الزوار كافة في برنامجِ تطوير بيئةٍ ممكنة للسياحة في موازنة السياحة والآثار، طريقةٌ مبعثرة وغير مخصصة والتعميم  بهذه الطريقة لا يؤدي إلى نتائج واضحة، حيث يجب أنَّ يكون هناك تخصيص لكلّ مركز متواجد في أيِّ موقع أثري.

واقعُ الحال في أم الجمال .. خدماتٌ على غير العادة

وادخة مدخل مدينة أم الجمال والتي تتكون من الأجار السوداء – تصوير آية العموش

على بعد (86) كيلومترًا من العاصمة و(30) كيلو مترًا إلى الشرق من مدينة المفرق وعلى الطريق الواصل لبغداد في البادية الشمالية، تقع مدينة أم الجمال الأثرية التي عرفت بـ (الواحة السوداء) لكثرة الأحجار البركانية السوداء والبازلتيّة والبوابات الحجرية فيها.

في الاستقبال محمد رحيبة، موظفٌ مسؤولٌ عن بيع التذاكر يُرحب بالزائرين، ولدى سؤاله عن تردد الزوار لهذا الموقع، أفاد بأنه في الأسابيع المنصرمة تجاوز عدد الزائرين 500 في الأسبوع الواحد، إذ يأتون على شكل مجموعاتٍ سياحيّة، وأشار إلى أنَّ المكان مُرشّحٌ لأن يُدرج على قائمة التراث العالميّ.

في مدخل المدينة الأثريّة موظفين اثنين من أهالي المنطقة، يُقدما إيجازاً عن الأهميّة التاريخيّة للمكان والتطور الزمني له حتى وقتنا الحاضر، إضافة إلى ذلك يقوما بتزويد الزوار بمطويّةٍ ورقية تحتوي على المعلومات الخاصة بالمكان وخارطة إرشادية للتحرك بداخله.

أما عن ساحة العرض وسط المدينة والتي يقع خلفها (128) وحدة سكنيّة داخل المدينة و(14) كنيسة، ومعبد نبطي، وُضع فيها عدد من القطع الأثرية المنقوشة بكتابات نبطية ويونانية وصفويّة، أحيطت بقطع حديديّة للاستناد عليها بطريقة تضمن ديمومة القطع والحفاظ عليها من العبث والسرقة.

وأضاف السائح محمود العموش أنَّ الخدمات العامّة في المكان متوافرة بشكلٍّ يليق بالزائر الأردني والأجنبي، كالمرافق الصحيّة الجيدة والمرافق الخاصة بتقديم الطعام والشراب، ووجود أماكن للجلوس، كما أشار إلى أنَّ غرف العرض مزوّدة بقطع أثريّة تمَّ ترميمها والحفاظ على بعضها من قبل أهالي المنطقة، حيثُ زودت هذه الغرف بلوحات إرشاديّة وبإنارات وأجهزة عرض، بطريقة تثير الاهتمام.

يوضّح الشكل أعلاه نسبة التغير في مخصصات مشروع تأهيل وتطوير أم الجمال في برنامج المحافظة على الإرث الحضاري والمواقع الأثريّة، في موازنة دائرة الآثارللأعوام 2020 والتي بلغت حصتها 24 ألف دينار وشكّلت ما نسبته 0.95% من كافة مجموع مخصصات البرنامج، أما عام 2021 فارتفعت حصتها من كافة مجموع المخصصات لتصبح مئة ألف دينار وبنسبة 075%، وفي عام 2022 لم يتغير المبلغ المخصص والبالغ مئة ألف ولكن قلّت النسبة لتصبح 0.38% من كافة مجموع المخصصات.

ومن خلال النَّظر لنسبة مخصصات موقع أم الجمال مقارنةً بمجموع تكاليف مخصصات برنامج المحافظة على الإرث الحضاري، قال العموش إنَّ مخصصات أم الجمال في إزدياد وذلك مرده لطبيعة الخطة الخاصة بترميم الموقع ومحاولة تأهيل الجزء الأكبر منه، ولتحقيق الشروط المناسبة لإدامة الموقع كونه على مسجّل خارطة السياحة، ومرشّح لوضعه على قائمة التراث العالميّ، رغم أنَّ نسبة الزيادة في مخصصاته قليلة ويُعزى السبب في ذلك إلى التركيز على مواقع أكثرَ أهميّة.

وأضاف بظاظو أنَّ هذا الموقع في أمس الحاجة للترميم وإعادة التأهيل من قِبل الدائرة، وميزانتُه لا تكفي لترميم مدينة واحدة فيها، وأنَّ اعتماد الدائرة في أم الجمال على الدَّعم الخارجي المقدم لها.

تقرير يغطي الرصد للأماكن الأثرية الثلاثة – إعداد آية العموش

دائرة الآثار العامّة وموازنتها

أوضح مديرمديرية الدراسات في دائرة الآثار العامّة محمد ناصر أنّ معنى التأهيل والترميم الأثري يشمل تأهيل الموقع الأثري وتجهيزه لاستقبال السيّاح والمجموعات السياحيّة، وتطوير البنية التحتية وتوفير مرافق عامة ومركز زوار ومتحف في بعض المناطق الأثرية والسياحيّة التي تحتاج لذلك، بالإضافة لتوفير أماكن لاصطفاف السيارات، وأخذ السلامة العامة بعين الإعتبار حتى لا يتعرض السائح لأيِّ مشاكل خلال مسيره.

وحول الأسس التي يتم بناءاً عليها تخصيص مبالغ لترميم هذه المواقع في موازنة الدائرة، بيّن ناصر أنَّ ذلك يعتمدُ على أهميّة الموقع وطبيعته وحركته السياحية، وعلى الخطط والمشاريع المقدمة من مديريات الآثار التابعة لكل محافظة، حيث يتم على أساسها تحديد المخصصات.

أما عن التنسيق والربط بين موازنة الوزارة ودائرة الآثار، أشار ناصر إلى أنَّ هناك استراتيجية خاصة لكل منهما، وأنَّ كل جهة شغلها الشاغل هو تمثيل استراتجيتها، وتلتقيان عند الحفاظ على المنتج الاثري وتقديمه.

وأضاف أنَّ الموازنة الخاصة بدائرة الآثار تعتمد على تنفيذ السِّياسة الأثرية في الموقع والمحافظة عليه، أمَّا السِّياحة فهي تختص بتقديم الآثار للسَّائح كمنتج، ويتم التنَسيق بينهما بشكل كامل حيث تعمل دائرة الآثار تحت مظلّة الوزارة، كما أكد أنَّ عدد المواقع الأثرية مئة ألف موقع والمسجل منها ١٥ ألفًا، وأنَّ الموازنة لا تستطيع تغطية احتياجات هذه الأماكن، إذ تغطي الأماكن الأكثر أهميّة والأكثر حاجة للتأهيل وللتطوير.

ونوّه إلى أنَّ اللوحات الارشادية في الطرقات تتبع لوزارة الأشغال العامّة، وترتبط أحيانا مع الأمانة ويتم استشارة دائرة الآثار فيها، أمَّا اللوحات العلميّة داخل الموقع والتي تشمل المعلومات الواضحة عن المكان فهي من اختصاص الدائرة.

تمثل الرسوم البيانيّة أعلاه موازنة وزارة السياحة والآثار لعام 2022 والتي تتوزع على ثلاثة برامج لكل برامج مخصصات خاصة توزع عليه، وموازنة دائرة الآثار العامة لعام 2022 والتي تنقسم لبرنامجين أساسيين.

ويرى عميد كليّة السياحة والفندقة في الجامعة الأردنيّة فرع العقبة الأستاذ الدكتور إبراهيم بظاظو أنَّ الموازنة المُخصصة للمواقع السياحة والآثرية وبرامجها من قِبل وزارة السياحة وموازنة دائرة الآثار قليلة جدًا، وغير كافية لتغطية احتياجات المواقع الأثريّة وتطويرها وترميمها مقارنةً مع دول الجوار، ويشير إلى أن 90 بالمئة منها يذهب لرواتب الموظفين والعاملين، والـ10 بالمئة المتبقيّة للكلف التشغيليّة.

وأضاف الدكتور أن الوزارة ودائرة الأثار تعتمد بشكل كبير على الدَّعم الخارجي من المنظمات والمؤسسات المُختصة لترميم المواقع الأثرية، ولا تقوم بدورها بتطوير أو حتى بتقديم أيّ مبادرة لتحسين الموازنة وتغطية المتطلبات، كما أشار إلى أنَّ هناك  بعثرة وعدم تنظيم في الموازنة.

ويُعزي بظاظو سوء الخدمات المُقدمة إلى عدّة أسباب، أولها الترهل الإداري في دائرة الآثار على الرُّغم من أنها مسؤولةٌ عن تراثٍ وآثارٍ وحاضرٍ وماضٍ ومستقبلِ أمة، إضافة إلى ذلك الإعلام المُغيب عن هذه الأماكن وعن تنظيم وتشجيع الوحدات الأردنية السياحيّة لها والاكتفاء بالمواقع التقليدية من البتراء والعقبة وقلعة عجلون، كما أنَّه لا يوجد هيكل تنظيمي موحّد يربط بين الهيئات المستقلة والذي يمكننا من معرفة الايرادات والمصروفات.

أمّا عن عمليّة الترميم والمحافظة على الإرث الحضاري فقال بظاظو إنّ الدائرة بحاجة لخطة مستدامة في عملية الترميم حتى يتم الحفاظ على الإرث للأجيال القادمة، وهذا لن يأتي إلى من خلال وجود مشاريع واضحة المعالم، لأنَّ عدم وجود خطّة وبنود واضحة هو ما يضيّع مواقعنا الأثريّة والتراثيّة حيثُ تتعرض للكثير من الأخطار الطبيعيّة كالانجراف والفيضانات والتجوية والأمطار والأخطار البشريّة كالسرقة والتزوير والنهب والتخريب والبحث عن الذهب.

وعلى الجانب الآخر أضاف بظاظو أنَّ على صُنَّاع القرار مضاعفة جهودهم  في التواصل مع المجالس الدوليةّ المُختصة بالترميم والحفاظ على التراث للقيام بعمليات الترميم داخل المواقع الأثرية بالإضافة لمشاريع الدائرة في الترميم والتأهيل. وأشار إلى أنَّه لم يتم الاستفادة من الإغلاق في فترة كورونا التي كان من المفترض أن تجعل الجهات المعنيّة تعيد النظر وترتيب الأوراق.

وزارة السِّياحة .. مسؤولة عن التَّرويج واستقطاب الزّاَئرين

 في الحديث عن دور وزارة السياحة في الترويج للأماكن السياحة والأثريّة، أشار الرفاعي إلى أنَّ هيئة تنشيط السياحة هي الجهة المُختصة في تسويق وترويج الأردن سياحيّاً، والتي تأسست عام 1998 كهيئة مستقلّة إداريّاً وماليّاً.

وأضاف الرفاعي أنَّ الوزارة هي الجهة المعنيّة بقيادة التنميّة السياحيّة في الأردن بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المحلي؛ لتعظيم العائد الإقتصادي والإجتماعي المتأتي من السياحة وذلك من خلال توظيف إرث المملكة الأثري والطبيعي والثقافي الغني والمتنوع بطريقةٍ مستدامة تعكس هوية الأردن وتُثري تجربة الزائر وحياة الأردنيين.

وأشار إلى أنَّ الوزارة تسعى للمحافظة على المواقع السياحية وتطويرها واستثمارها بصورة مباشرة وغير مباشرة، بما في ذلك تنظيمها وإدارتها، والاشراف على تنفيذ البِنى التحتية والإنشاءات الأساسية فيها، وذلك من خلال تحسين جودة المنتج السياحي لاستقطاب أكبر عدد من الزائرين والسائحين من الأردن ودول العالم من خلال إيرادات السِّياحة التي تأتي عن طريق دائرة الموازنة العامّة.

وسائل التواصل الإجتماعي والآثار العامّة

خلال البحث على مواقع التَّواصل الاجتماعي وتحديدًا موقعي فيسبوك وتويتر، يوجد حسابات لمشتركين أردنيين عليها ينشرون محتوى حول حال السِّياحة في الأردن، ومن بين هذه الحسابات حساب ميّل على إربد، وحسابات أفراد ينشرون كثيرًا من المشاكل في المواقع السِّياحية والخدمات المقدَّمة فيها.

وزارة السِّياحة وهيئة التَّنشيط .. قضايا فساد في المحاكم

هناك عدّة قضايا خاصّة بالفساد، حيثُ عُقدت جلسة بتاريخ 19 أيّار للعام الحالي 2022 لدى محكمة صلح جزاء عمّان لدى القاضي الدكتور عدي الفريحات حول قضيّة فساد في هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة والآثار، ومن بين المتهمين بها أمين عام سابق لوزارة السياحة ورئيس سابق لهيئة تنشيط السياحة، وهذا مؤشر على أنَّ هناك شبهات حول عدم ذهاب أموال الموازنة الخاصّة بالخدمات العامّة في المواقع السياحيّة إلى مكانها على أرض الواقع.

نلاحظ من الشكل أعلاه أن محافظة مأدبا هي الأعلى نسبة بين المحافظات في النفقات الرأس مالية المخصصة في موازنة دائرة الآثار العامة خلال هذا العام والعامين الماضيين، وبحسب العموش فربما يعود السبب في ذلك لجعلها عاصمة السياحة العربية لهذا العام، وبالتالي تم تخصص مبالغ أكبر لها خلال هذا العام والأعوام الماضية. أما معان فهي الأقل نسبة حيث بغلت مخصصاتها 5000 دينار كونها مدينة تفتقر إلى المواقع الأثرية.

مخطط زمني يوضّح أبرز المراحل التي مرّت بها وزارة السياحة والآثار

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *