عمّال الأردن : اتحاد عام يضم 17 نقابة “ضعيفة” يقابلها 52 لأصحاب ‏العمل ‏

Posted by

10 اّيار 2018

ناديا الشياب

ما عندي فكرة عن الموضوع، أصلا ما بعرف إذا في نقابة بهالإسم ، وبقدر أنتسب إلها هذا ما قالته خلود ، وهي كوافيرة تعمل في صالون للتجميل في أحد ضواحي العاصمة عمان، حين سألناها عن النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة، وهي النقابة التي يتبع لها قطاع صالونات التجميل.

“يوسف خليل” هو الآخر غير منتسب لأي نقابة عمالية، و يعمل في قطاع يتبع لنقابة الخدمات العامة والمهن الحرة. عمل لمدة 12 سنة في مطعم قبل أن يتركه منذ نحو عام، بعد ما وجد فرصة عمل أفضل، على حد تعبيره وبراتب أعلى، بعد رفْضِ إدارة المطعم تحقيق مطالبه هو ومجموعة من زملائه.

يتبع قطاع المطاعم للنقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة، إلى جانب سبعة قطاعات أخرى وفقاً لقرار “تصنيف المهن والصناعات التي يحق لعمالها تأسيس نقابات لهم” الصادر بموجب المادة 98 من قانون العمل رقم 8 لسنة 1996، ساري المفعول حتى الاّن.

قرار بتصنيف المهن و الصناعات التي يحق لعمالها تأسيس نقابات لهم، صادر بموجب م(98) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996
المصدر: وزارة العمل

النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة هي واحدة من 17 نقابة عمالية تقع تحت مظلة الإتحاد العام لنقابات عمال الأردن، الذي تأسس عام 1954، بهدف تحقيق حياة أفضل للعمال، ورفع مستوى معيشتهم وتحقيق التنمية الاجتماعية والإقتصادية، إلى جانب دعم النهج الديمقراطي وحماية الحقوق والحريات النقابية. و تشمل كل نقابة بدورها عدداً من المهن و الصناعات التي يحق للعاملين فيها الإنتساب كل لنقابته.

ويبلغ عدد المنتسبين لهذه النقابة، وفقاً لإحصائيات حصلنا عليها من الإتحاد نفسه، (4431) عاملاً و عاملةً، أي ما نسبته 4.3 % من اجمالي المنتسبين للنقابات العمالية جميعها، رغم تاريخ تأسيسها المبكر منذ 1954أيضاً.

و من اللافت للنظر أنه في قطاع المطاعم وحده، يبلغ عدد العاملين فيه حوالي 120 ألف عاملٍ و عاملةٍ، وفقاً لاحصائيات مؤسسة الضمان الاجتماعي، ما يعني أن الغالبية العظمى للعاملين في القطاع غير منتسبين للنقابة، وليس لهم تمثيل نقابي يدافع عنهم ويطالب بحقوقهم العمالية أو يمكنهم من توقيع اتفاقيات عمل جماعي تحسن من شروط العمل لديهم.

رئيس النقابة العامة للخدمات العامة و المهن الحرة السيد خالد أبو مرجوب  أقرّ بهذه النسبة من المنتسبين لنقابته قائلاَ نحن غير راضين عن هذه النسبة، ولكن العضوية في النقابات العماليه اختيارية وليست إجبارية. و أضاف أبو مرجوب أننا في النقابة “مجبورون” على تمثيل العمال في القطاعات التابعة لنا، ولدينا لجان نقابية في مختلف القطاعات. ثم ضرب أمثلة على ذلك في شركات الاتصالات، والأمن والحماية والمطاعم وغيرها.

يؤكد أبو مرجوب أن النقابة تعمل على زياده عدد المنتسبين لها ضمن إطار خطة للإتحاد العام والنقابات التابعة له، موضحاً أن قوة النقابة تأتي من عدد المنتسبين. كما أن أحد أهدافهم هو العمل على تعظيم دور اللجان في كافة المواقع والمحافظات، مشيراً إلى أن النقابة في قادم الأيام مقبلة على إجراء انتخابات اللجنة النقابية في شركة الاتصالات الاردنية (اورنج).

وبخصوص توعية وتثقيف العمال بأهمية “الإنتساب إلى النقابة” أوضح أبو مرجوب – دون ذكر أية تفاصيل تتعلق بآلية عمل النقابة على هذا المحور- أن العاملين في الشركات الكبرى لديهم الوعي الكافي حول الحقوق والقوانين وأهمية الإنتساب، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في القطاع غير المنظم قائلاَ في قطاعات تحوي عامل واحد او عاملين،  من الصعوبه بمكان أن نقوم بالتوعيه بشكل منفرد، ولكن هذا أحد اهدافنا التي سنعمل عليها .

يبلغ مجموع المنتسبين للنقابات العمالية جميعها (102,478) عاملاً وعاملةً، بحسب بيانات الإتحاد. هذا و يشير
رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة أنهم يشكلون ما نسبته من 15-17 % من حجم القوى العاملة في الأردن، الذي أعتبر النسبة “مناسبة” بالمقارنة مع الدول الأخرى، ضاربا على ذلك أمثلة، ” في أمريكا تبلغ النسبة 12% وفي فرنسا 8% ” .

كما يشير المعايطة إلى أن المعايير الدولية تنص على أن الإنتساب للنقابات العمالية إختيارياً وليس إجبارياً، وأن الإتحاد العام يعمل على قاعدة اختيارية الانتساب وإلزامية التمثيل، أي أن النقابة تمثل المنتسب من عدمه، على حد وصفه، قائلا النقابات العمالية تدافع عن قضايا العمال، تحقق لهم مكتسبات جديدة، ونحن نعمل على توسيع قاعدة التنظيم النقابي وزيادة عدد المنتسبين.

أرقام رسمية متباينة

وعلى الرغم مما ذكره المعايطه بخصوص نسبة المنتسبين للنقابات العمالية، تبيٍن أرقام دائرة الإحصائيات العامة لعام 2017 أن اجمالي العاملين في القطاع الخاص ممن تسري عليهم أحكام قانون العمل ويحق لهم الإنتساب لنقابات عمالية يقترب من (880,567) شخصاً، ما يعني أن نسبة المنتسبين الفعلية تبلغ 11.7%  فقط . في حين أن المرصد العمالي الأردني صرَح في بيان نشره في مارس الماضي بعنوان “تعديلات قانون العمل الجديدة غير دستورية وغير عادلة” أن عدد العاملين الذين ينتسبون لنقابات عمالية في الأردن لا يتجاوز 60 ألف عامل في أحسن الأحوال.

يوضح المعايطه أن كل نقابه يتفرع عنها لجان نقابيه، وكل منشأة لديها 25 عاملا فأكثر؛ يجب أن يكون للعمال ممثلين يتحدثوا باسمهم و يقوموا بعملية المفاوضة الجماعية، “وبالتالي عدد اللجان قد يكون بالمئات واللجنة تقوم مقام النقابة “مؤكدا أن الإتحاد لا يعارض ترخيص نقابات جديدة ، وأنه سيعمل بالتنسيق مع وزارة العمل لترخيص نقابات جديدة، دون أن يوضح حول النقابات المراد ترخيصها.

وتشير بيانات حصلنا عليها من الإتحاد العام أن نقابتي “النقل الجوي” و”المناجم والتعدين” هما آخر نقابتين تم ترخيصهما وذلك في عام 1970 ، ولم يتم ترخيص أي نقابة عمالية جديدة حتى الوقت الراهن، في حين أن الأمر ذاته لا ينطبق على نقابات أصحاب العمال البالغة 52 نقابة ، إذ تم ترخيص كلا من النقابة العامة لتجار مواد التجميل والاكسسوارات، والنقابة العامة لتجار الالعاب بحسب بيانات وزارة العمل .

ووفقا لذات البيانات فإنه في عام 2018 ، تم رفض ترخيص النقابة العامة للمستشارين ومنابي الضريبة ، وتم احالة ترخيص نقابة عمال الزراعة الى اللجنة الثلاثية في وزارة العمل للبت فيها، وحتى الآن لم يصدر قرار بشأنها.

مدير علاقات العمل في وزارة العمل عدنان الدهامشه بدوره يُرجع سبب عدم ترخيص نقابات عمالية جديدة إلى اللجنة الثلاثية في الوزارة، وآلية إتخاذ القرار فيها، فهي صاحبة الشأن بترخيص نقابات جديدة.

يقول الدهامشه إن اللجنة  تضم اتحاد العمال وممثلين عن أصحاب العمل ( غرف التجارة والصناعة) إلى جانب الوزارة التي تمثل الطرف الحكومي، والقرار فيها يجب أن يكون بالإجماع، الأمر الذي لم يحصل في تاريخ عمل اللجنة منذ أن تأسست، حيث كان أصحاب العمل يرفضون تأسيس نقابات جديدة. و هذا ما أكده رئيس المرصد العمالي الدكتور أحمد عوض لموقع “صحافيون” “إن غالبية رؤساء النقابات حالياً يقدمون خدمات لأصحاب الأعمال على حساب العاملين”. (دقيقة 2:27)

يدافع الدهامشة عن تعديلات قانون العمل الجديدة قائلا “إن جعل الصلاحية  بيد وزير العمل لتصنيف المهن والصناعات التي يجوز ترخيص نقابات جديدة فيها، يعطي مرونه أكبر لتوسيع عمل النقابات وتأسيس نقابات جديده في قطاعات لم يكن لها تمثيل نقابي سابقا”، مشددا على أن هذه التعديلات لم تحد من الحريات النقابية وانما ستعطي زخما أكبر في المهن والصناعات التي لا يوجد بها نقابات.

من جانبه رئيس المرصد العمالي الاردني أحمد عوض ينتقد بشدة تعديلات قانون العمل الخاصة بالتنظيم النقابي مؤكدأ أنها وضعت مزيدا من القيود عليه، وتخالف بالمطلق فكره التنظيم النقابي، ما يؤدي لمزيد من ضعف الحركة النقابية واصفاً النموذج النقابي المتمثل بالإتحاد والنقابات التابعة له بـ “البائس”.

يقول عوض إن أصحاب الاعمال لهم دور كبير في السيطرة على الحركة العمالية القائمة ، فرؤساء النقابات والاتحاد العام يُقدمون مصالح أصحاب العمل على مصالح العمال، والنقابات القائمة حريصة على ان تحتكر تمثيل العمال، لانها بالنسبة لها “مؤسسات فيها منافع  من رواتب ومكافئات وسفر” ، مشيرا إلى رؤساء النقابات العماليه لم يتغيروا منذ عشرات السنين، ولا يوجد فيها انتخابات وتعمل وفق أسس غير ديمقراطية.


رؤساء النقابات العماليه لم يتغيروا منذ عشرات السنين، ولا يوجد فيها انتخابات وتعمل وفق أسس غير ديمقراطية

المرصد العمالي

في تقرير له بعنوان “حرية التنظيم النقابي في الأردن” صدر في ديسمبر الفائت، ذكر المرصد العمالي : أن الفجوة بين غالبية العاملين في الأردن  وبين النقابات العمالية المعترف بها رسميا قد تعمقت  بسبب تقييد قانون العمل  لصالح التنظيم النقابي وحصْرِه في 17 نقابة عمالية فقط، وغياب آليات العمل الديمقراطي عن غالبية هذه النقابات.

ويوضح المرصد أن وضع أنظمة النقابات حالياً هو من حق المؤتمر العام للنقابات العمالية المكون من أعضاء الهيئات الإدارية للنقابات، و هو المهيمن عليها من قبل عدد محدود جدا من الأشخاص، وبذلك أصبحت النقابات العمالية تعمل وفق نظام اساسي موحد غير ديمقراطي يسمح بسيطرة فئة محدودة على النقابات ولفترات زمنية طويلة، الأمر الذي عزل النقابات العمالية عن قواعدها وأصبح اتحادها العام مؤسسة شبه حكومية، إذ يتم تمويله بالكامل من قبل وزارة المالية.


النقابات العمالية تعمل وفق نظام اساسي موحد غير ديمقراطي يسمح بسيطرة فئة محدودة على النقابات ولفترات زمنية طويلة، الأمر الذي عزل النقابات العمالية عن قواعدها وأصبح اتحادها العام مؤسسة شبه حكومية، إذ يتم تمويله بالكامل من قبل وزارة المالية.

المرصد العمالي

تشير أرقام وبيانات وزارة العمل بأن العام 2018 شهد توقيع 58 عقد عملٍ جماعي بين أصحاب العمل الذين يمثلون شركات مختلفة في القطاع الخاص، وبين ممثلي العمال من النقابات العمالية التابعة للاتحاد العام لنقابات العمال، بانخفاض بلغت قيمته  (28%) عن عام 2017، حيث تم توقيع 81 عقد عمل جماعي فيه .

عقد العمل الجماعي هو تفاق خطي تُنظم بمقتضاه شروط العمل بين صاحب العمل او نقابة اصحاب العمل من جهة ومجموعة عمال او النقابة من جهة اخرى”.
ووفقا لقانون العمل النافذ فإنه ينظم من 3 نسخ على الاقل ويحتفظ كل طرف بنسخة منه وتودع النسخة الثالثة لدى وزارة العمل لتسجيلها في سجل خاص،
ويكون ملزماً من التاريخ المحدد فيه. وفي حالة عدم تحديد التاريخ فمن تاريخ تسجيله في الوزارة، على ان يتم نشر هذه العقود في الجريدة الرسمية
واعلانها على لوحة خاصة في مكان العمل.

مدير مديرية علاقات العمل في وزارة العمل عدنان الدهامشه يقول أن معظم عقود العمل التي ترعى توقيعها وزارة العمل بين العمال ومن يمثلهم من النقابات تتم بطريقة التفاوض المباشر، مضيفا أن الوزارة تتدخل بشكل ” ودّي ومباشر” لحل النزاع العمالي قبل أن يتطور الى المراحل الأخرى من مندوب توفيق ثم مجلس توفيق أو تدخل الوزير ، وكل ذلك  قبل الوصول الى مرحلة تحويله الى محكمة عمالية .

وانتقد الدهامشه أداء بعض النقابات العمالية، قائلا ” بعض رؤساء النقابات لم أرهم طيلة حياتي” مشيرا إلى أن 9 أو 10 نقابات فاعلة وتمارس دورها بإثارة النزاعات العمالية وتوقيع عقود العمل الجماعية، أما البقية غير فاعلة بعملها، و”نائمة” على حد وصفه.

يعتبر رئيس بيت العمال والأمين العام السابق لوزارة العمل حماده ابو نجمه إن هذا الانخفاض في اعداد عقود العمل الجماعي مؤشر غير صحي، ويدل على ضعف النقابات العمالية، مشيرا إلى أن النقابات تنشط في اثارة النزاعات العمالية التي بدورها تفضي الى توقيع عقود العمل الجماعي في مواسم مختلفة أهمها الانتخابات . وأضاف أبو نجمه إن بعض النقابات توقع عقود عمل جماعي لكنها صورية ولا تحقق مزايا للعمال، وأن بعض الاتفاقيات التي توقعها النقابات متشابهة مع بعضها البعض ،مشيرا في الوقت ذاته ان العقود الجماعية تشمل المنتسبين للنقابة وغير المنتسبين.

رسم توضيحي يبين أهداف النقابات العمالية ال 17 في خط زمني حسب سنة التأسيس

مادة اعلام رقمي 2 – العام الدراسي 2018 / 2019

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *