الغارمات بين مطرقة القضاء وسندانة الحاجة

Posted by

عمان-وسام سعد و عبدالرحمن الوريكات، تختبئ منتهى بين الأزقة عند سماعها دوي سيارة الشرطه كأنها طفلة صغيرة، واذا اضطرت الى الذهاب الى السوق تنزل من الحافلة قبل وصولها الى مكان الدورية خشية ان يلقوا القبض عليها، حالة الذعر التي تعيشها نتيجة تهديد شركات التمويل التي اقترضت منها، والتي جعلتها إنسانة مسلوبة الارادة والتفكير كما تقول وفاقدة الثقة بنفسها ومهددة بخسارة عائلتها في اي لحظة بعد رميها وراء القضبان.

منتهي ذات الاربعين ربيعاً تعيش في احدى الغرف المتهالكة التي تبرع بها أحد المحسنيين لها ولعائلتها لتعيش فيها، في تسوية لأحدى العمارات بعد ان غرقت بالدين واصبحت مطلوبه للشرطه ليس وحدها وإنما مع ابنيها الذين كفلاها في بعض القروض.

وتقول منتهى ان زوجها لديه اعاقة بصرية وعاطل عن العمل وابنائها كبروا وتراكمت الديون والفواتير فلم تستطع ان تسدد حتى ايجار المنزل فأضطررت الى اخذ اول قرض بمبلغ 1000 دينار لتسديد تلك المبالغ المتراكمة .

وبعد مدة اكملت ابنتها الكبرى مرحلة الثانوية العامة فلم تستطع النجاح وجلست في البيت بلا عمل، فأضطرت منتهى لقرض اخر من شركة تمويل اشترطت وجود كفيل فكفلتها ابنتها .

ونتيجه لتهديد اصحاب الديون اقترضت مرة ثالثة من شركة تمويل اخرى، بعد ان فصلت الكهرباء عن المنزل واصبحت تعاني في فترات المساء فزوجها كفيف واطفالها خائفون، فكان القرض الثالث من شركة تمويل اخرى وكفلها ابنها.

وتضيف منتهى “مع مرور الايام نفذ المبلغ واصبح اطفالي يذهبون الى المدرسة بلا مصروف حتى رغيف الخبز اصبح صعباً فأخذت القرض الرابع والاخير من احدى الشركات التي كانت فائدتها كبيره وخاصة عندما تأخرت في سداد الأقساط”.

وجدت منتهى نفسها مدانه لاربع شركات تمويل يطالبونها بالاقساط، شركة تأخذ ثلاثة دنانير بدل كل يوم تأخير عن السداد، واخرى تستوفي دينار ونصف عن كل يوم تأخير، فأصبحت “مطلوبه” نتيجة الدعوى القضائية من شركات التمويل، وغارقة في الديون والمطالبات المالية والتهديدات من مندوبي الشركات.

لم تترك شركات التمويل منتهى متورطة لوحدها، بل مع كفيليها ابنها وابنتها، بعد ان تعثرت في سداد الأقساط المترتبة عليها من اربع شركات تمويل كانت تمنحها المبالغ بكل سهولة ويسر.

وتردد منتهى كلماتها بغصة ودموعٌ منهمرة “لا اعلم ماذا سأفعل؟ في بعض الليالي اجلس مع نفسي ابكي على سوء الحال الذي وصلت اليه عائلتي، فوزارة التنمية ترفض اعطائنا راتب لعدم وجود تقرير طبي لزوجي يثبت انه يحمل اعاقة كبيرة تمنعه من العمل واقاربي، وجيراني امتنعوا عن تسليفي النقود لعدم وفائي بالسداد اكثر من مرة كما ان المبادرات الخيرية التي تدفع عن الغارمات لم تشملني لانني مكررة في القروض والمبالغ المطلوبه تعدت الاف الدنانير.

معاناة اخرى

نداء امرأه حامل تعثر زواجها الاول بسبب اضطرابات نفسية حدثت لزوجها مما اضطره لترك عمله كـ”حداد” وجلوسة في المنزل للعلاج. وتقول نداء ” بعد المصيبه الي صارت لجوزي اخذت قرض من صندوق المرأه حتى اشتريله أدوية ” وتضيف لم يبقى لدينا دخل ننفقه منه على المنزل ومع اشتداد المرض على زوجي طلبت الطلاق.

شهورٌ مرت على طلاقها حتى جاء محمد لخطبتها فأعتقدت انها ستكون سعيده بهذا الزواج وخاصة ان محمد وعدها بمستقبل جميل وبناء اسرة سعيدة، وهي الان حامل في مولودها الاول واستأجر لها زوجها بيتاً قديما في احد الازقة بمحافظة عجلون؛ حتى يستطيع دفع ايجاره من دنانير يجمعها كل صباح من بيع القهوه في احد الكشكات على الطريق العام والتي يعمل فيها محمد كأجير عند صاحبها.

تراكمت الديون على ندى وزوجها وانكسر ايجار المنزل وفواتير الكهرباء والماء لذلك لجأت الى احدى شركات التمويل وتدعى “انوروا” واخذت مبلغ 800 دينار لتسديد الديون، فلا دنانير زوجها كافية لدفع اقساط صندوق المرأه والانوروا، ولا مصاريف المنزل حتى، وندى لا تعمل لأنها حاملٌ في الشهر السادس.

لجأت ندى الى صندوق المعونة الوطنية بغية الحصول على راتب يعيلها في ايامها الصعاب، لكن الصندوق اشترط وجود تقرير طبي يثبت عجز زوجها بنسبة تزيد عن 70% حتى يتم صرف راتب بسيط لهم، لكن محمد ليس لديه عجز.

فلا تشترط شركات التمويل الاصغر التي اسست على هدف التنمية وصناعة المشاريع وجود مشاريع حقيقية، فالتنافس بين تلك الشركات جعلتها تتسابق في الحصول على حصة سوقية اكبر من الاخرى، بمجرد تقدم أي امرأة لقرض يتم منحها مباشرة وبكفيل وهمي يمكن ان يكون ابنها او بنتها اللذات لا يعملان اصلاً ولا يمتلكان راتب او وظيفة. ويظهر الفيديو التالي معانات الغارمات في الاردن:

معظم المقترضين هم نساء

79% من المقترضين هم نساء حسب البيانات الرسمية لشركة تنمية شبكة مؤسسات التمويل الأصغر والتي تضم جميع شركات التمويل الرسمية والمسجلة والمعتمده لدة البنك المركزي حتى نهاية عام 2018م. كما في الشكل التالي:

ويقدر عدد النساء اللواتي حصلت على قروض تمويلية من شبكة تنمية ب (367916) مقترضة من اجمالي اعداد المقترضين الذين بلغو لغاية الربع الرابع من عام 2018 ب  (465717) عميل نشط.

ارتفع عدد العملاء النشيطين في الربع الرابع لعام 2018 بنسبة 6 % مقارنة بنفس الفترة لعام 2017م، كما ارتفع عدد القروض النشطة بنسبة 4 % ليصبح المجموع (844,451 ) قرض نشط. ، ويبين الشكل التالي عدد القروض والمقترضين من شركات التمويل الاصغر من عام 2014 الى عام 2018:

حققت المحفظة الإقراضية نسبة ارتفاع 9 % ليصبح المجموع 259 مليون دينار في نهاية عام 2018م.

اما على مستوى المحافظات فكانت محافظتي المفرق والبلقاء النسبة الأكبر من المقترضات النساء بواقع 89% من النساء، ففي المفرق بلغ عدد المقترضات ب (19000)، اما البلقاء  (31632) مقترضة، وتظهر الخريطة التالية عدد المقترضات من شركات التمويل الأصغر ونسبتهن في كل محافظة

اخذ الاقساط بالقوة

تجمع معظم الغارمات على سوء معاملة مندوبي شركات التمويل او كما يعرفون ب “ضباط المشاريع” من تهديد ومحاولات لكسر ابواب منازلهن والتوعد بالسجن واجبارهن على بيع اثاث المنزل، تقول منتهى “معاملة مندوبي الشركات كانت مخيفة الى درجة محاولة تحطيم باب المنزل والتهديد بالسجن واذكر ذات مرة ان احدى المندوبات دفعتني بيدها حتى اسقطتني ارضاً وطلبت مني ان ابيع اثاث المنزل لتسديد الاقساط”

” كسروا باب الدار بدهم القسط والتموا علينا الجيران من صراخ مندوبين شركات التمويل” كما تقول ندى وتضيف انها تعرضت للتهديد بالسجن اذا لم تدفع القسط.

وفي احد الايام جاء لندى رساله قصيره على هاتفها المتنقل مكتوبٌ فيه” لقد تم التعميم على اسمك واسم زوجك أنتما الآن مطلوبان للشرطة” فأصبحت تبكي من خوفها وامتنعت عن مغادرة المنزل.

حال الكثير من المقترضات كحال ندى ومنتهى اللتان تورطتا في قروضٌ من شركات التمويل لسداد ديونٍ متراكمه لا لإنشاء مشاريع حقيقية تمكنهن من التفاعل مع المجتمع والانتاج لتحسين الدخل.

لكن السبب لم يتضح في البداية الى ان تحدث احد “ضباط المشاريع” من احدى شركات التمويل الاصغر، رفض الكشف عن أسمه قائلاً ” الموضوع حصة شهريه تقسم على ضباط القروض ولكل واحد منطقة وعدد من المقترضين يجب عليه تحصيل الاقساط، والا سيحرم من الحوافز”

وبما ان رواتبهم قليله وترتفع بأرتفاع تحصيل الأقساط، فالرواتب والحوافز مربوطة بالتوزيع والتحصيل اما التحصيل اكثر لانها كلما ارتفعت نسبة التحصيل ارتفعت الحوافز وزادت الرواتب لذلك يضطر ضابط القروض الى استخدام اساليب تجبر الغارمة او المقترضه على سداد القسط المترتب عليها، واذا زادت نسبة المتعثرين في حقيبة مندوب الشركة لمدة تزيد عن ثلاثة شهور يعطى انذار اولي ويهدد بالفصل.

مؤسسة غير ربحية في الظاهر

تعمل شركات التمويل الاصغر المسجلة والمعتمدة لدى البنك المركزي الاردني على نظام المؤسسات الغير ربحية والتي تهدف الى خلق مشاريع انتاجية تسهم في زيادة الدخل وتخفف من البطالة وتوظف العاطلين عن العمل؛ لكن على ارض الواقع الحقيقة مختلفة تماماً فلا توجد شركه تشترط حقيقة اقامة مشروع وعلى إثره يعطى القرض، وحسب تصريح المدير التنفيذي لشركة تنمية سليم النمري فإن هناك تنافس على الحصة السوقية بين الشركات ولا يهم اقامة مشروع مشروط بإعطاء القرض.

معظم الغارمات أكدن على انهن حصلن على قروض تمويلية من تلك الشركات، من دون حتى السؤال عن “ما سبب القرض؟” يحصلن عليه بأبسط الاجراءات وبلا ضمانات، والكفيل عباره عن شكل صوري لا اكثر.

المشكلة ان تلك الشركات لا يترتب عليها اي ضريبة من الحكومه لانها غير ربحية كالبنوك، تخدم المجتمعات وتخفف من البطالة وتزيد من التنمية ، ولا تحصل الضريبه حتى على الغرامات المترتبة على تأخر دفع الاقساط والتي يمكن ان تصل الى 60% اضافة الى سعر الفائده على المبلغ كاملاً.

ويطلق على الفوائد المترتبة على تأخر دفع الاقساط والتي تقدر بمبالغ كبيرة تبدأ من دينار ونصف الى ثلاثة دنانير عن كل يوم تأخير لكل مقترض، بـ “مصاريف إدارية” بدل اوراق ومكتب وخدمات موظف تصل الى 18-20%،

الرقابة على شركات التمويل الاصغر

اتخذ البنك المركزي الأردني قرار استراتيجي بتوسيع ‏مظلته الرقابية ‏والإشرافية لتشمل قطاع التمويل الأصغر، حيث تم اتخاذ العديد من الخطوات في هذا المجال من ‏أهمها إقرار نظام شركات التمويل الأصغر رقم(5) لسنة 2015 من قبل مجلس الوزراء بتاريخ 14/12/2014 ودخوله حيز التنفيذ بتاريخ 1/6/2015، ‏وبشكل عام يهدف النظام إلى وضع إطار تشريعي يتضمن معايير عالية للممارسات المهنية التي تنظم قطاع التمويل الأصغر بالمملكة وحماية عملاء هذا القطاع وتحقيق الاستدامة وضمان توفر الحاكمية المؤسسية السليمة التي تضمن وجود إدارات كفؤة تتمتع بالخبرات اللازمة،هذا وقد تم استحداث دائرة الرقابة على شركات التمويل الأصغر وشركات المعلومات الائتمانية ، حيث تتولى الدائرة دراسة طلبات ‏ترخيص شركات التمويل الأصغر إلى جانب مهام الرقابة الميدانية و المكتبية والتي تتضمن التحقق من سلامة الاوضاع المالية للقطاع وفق القوانين والانظمة والتعليمات النافذة والمعايير الدولية المرعية بالخصوص، ودراسة وتحليل البيانات والتقارير الواردة من القطاع، والتفتيش على أعمال الشركات واعداد التقارير المتعلقة بالتفتيش.

وتعتبر عملية توفير خدمات التمويل للأشخاص ذوي الدخل المتدني أو للأشخاص الذين لا يتمكنون من الحصول على الخدمات المالية من القطاع المصرفي والتي عادة ما تكون من خلال قنوات قطاع التمويل الأصغر عملية لها دور محوري في تحقيق الشمول المالي وبالتالي التنمية البشرية والاقتصادية حيث أن تقديم التمويل لهذه الفئات يساعد على تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي وذلك من خلال تحويل هذه الفئات من فئات متلقية للمساعدات إلى فئات منتجة ومدرة للدخل.

وللعمل على تعزيز وتطوير دور قطاع التمويل الأصغر وتحقيق الاستدامة له فقد برزت الحاجة إلى ضرورة وجود مظلة رقابية على هذا القطاع، وذلك تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية لقطاع التمويل الميكروي في الأردن، والتي تم إقرارها من قبل رئاسة الوزراء وكان من ابرز محاورها تطوير إطار تنظيمي ومرجعي موحد للإشراف والرقابة على قطاع التمويل الاصغر.

تضارب الارقام والمبالغ والتصريحات

اكد المدير التنفيذي لشركة تنمية شبكة مؤسسات التمويل الاصغر سليم النمري ان اهداف شركات التمويل هي تنموية في توظيف وتحسين مستوى الدخل لدى الاسرة وبالتالي النهوض بالاقتصاد الوطني، وتبلغ نسبة المتأخرين لمدة شهر فأكثر عن سداد الاقساط في شركات التمويل الاصغر التابعة لشركة تنمية 1.7% من مجموع عملاء يبلغ 465000 عميل اي ما يقارب ب 790 متأخر واذا كانت المرأه المقترضة بنسبة 73% من اجمالي المقترضين، فأن المتأخرات عن سداد الاقساط لمده تزيد عن شهر هي 577 سيده او غارمة.

ذلك الرقم المدعم بتصريح من المدير التنفيذي لشركة تنمية والأرقام الواردة بالتقارير السنوية والربعية على موقعهم الالكتروني يبين ان وجود الغارمات ضئيل جدا، مقارنة بالحملات الوطنية والمبادرات التي صرح وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور عبد الناصر ابو البصل بوجود عدد وصل إلى 5672 غارمة ممن تقل المبالغ المطلوبة منهن عن 1000 دينار.فقط في المبادرة الملكية الاخيرة التي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني لسداد ديون الغارمات الاردنيات.

فيما صرحت وزيرة التنمية الاجتماعية باسمة اسحاقات عن وجود 5669 سيدة مطلوبات للتنفيذ القضائي بسبب ذمم مالية مترتبة عليهن بأقل من ألف دينار. وأضافت أن السيدات الغارمات اللواتي تقل ديونهن عن ألف دينار غير مسجونات حالياً، ومجموع المبالغ المترتبة عليهن تصل إلى 3 مليون دينار، وفيما يلي تصريح وزيرة التنمية عن المبادرات التي اطلقت مؤخراً لمساعدة الغارمات:

انقذوا الغارمات

انطلقت العديد من المبادرات الرسمية والشعبية تحت مسميات مختلفة للتسديد عن الغارمات، كان اخرها المبادرة الملكية بتسديد مبالغ عن (5669) غارمة اقترضت من مبلغ 1000 دينار فأقل وبواقع حملة جمعت 3 مليون دينار.

وقد بين مجلس الوزراء، إن الدفعة الأولى من الغارمات اللواتي سيستفدن من الحملة يجب أن يخضعن إلى خمسة شروط..

واشترط المجلس أن تكون الغارمة مطلوبة للتنفيذ القضائي لذمم مالية تقل عن ألف دينار، وضرورة توفير إثبات يُفيد بأن ملكية الأسرة وقدرتها المالية لا تمكنها من سداد الدين

وتكون استفادة الغارمة من الحملة لمرة واحدة فقط، بمعنى عدم تكرار قضايا الدين، إضافة إلى عدم ارتباط القضية بأي من قضايا النصب والاحتيال والقضايا الجنائية الأخرى، واشترط في المستفيدة من الحملة ألا يزيد دخل أسرتها عن 600 دينار شهرياً.

وكان جلالة الملك عبدالله الثاني وجه لإطلاق جهد وطني سيكون أول الداعمين لجهود مساعدة “بناتنا وأخواتنا الغارمات ، وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية رئيس مجلس إدارة صندوق الزكاة عبد الناصر أبو البصل، وجّه إدارة الصندوق لتشكيل فريق عمل “عاجل” لمتابعة المبادرة الملكية لدعم الغارمات تنفيذا للتوجيهات الملكية.

أبو البصل أعلن أن اللجنة التنسيقية المشتركة لتنفيذ المبادرة الملكية لدعم الغارمات ستجتمع للمباشرة بتنفيذ الإجراءات اللازمة لسداد ديون الدفعة الأولى، من الغارمات اللواتي سيستفدن من الحملة ممن تحققت فيهن الشروط المطلوبة. وتضم اللجنة التنسيقية المشتركة، ممثلين، عن صندوق الزكاة، ووزارة العدل، وصندوق المعونة الوطنية، ومديرية الأمن العام.

يضاف إلى ذلك “حالات إنسانية لغارمات لا يستطعن دفع مبالغ بسيطة مترتبة عليهن”، وبين أبو البصل أن تلك الأسس والمعايير وضعت بالتشارك مع وزارة التنمية الاجتماعية “لوجود دراسات مشتركة كافية” بين الجهتين.

وهناك العديد من المبادرات والحملات والجمعيات التي كانت تعمل على هذا الملف منذ القدم فالجمعية الوطنية لرعاية النزلاء في مراكز الاصلاح والتاهيل التي اسست عام 2005 وتتبع لصندوق الزكاة، خصصت مبلغ نصف مليون دينار للتسديد عن الغارمات.

ويؤكد رئيس الجمعية محمد غازي ابو صوفه انه يوجد مذكرة تفاهم مع مديرية الامن العام منذ 2005 تتعلق بالنزلاء ومشاكلهم الاسرية والاجتماعية وبشكل خاص الغارمات، وتحرص الجمعية على عدم دخول النساء الى مراكز الاصلاح لتأثيره الاسري على المجتمع لذلك تقوم الجمعية بالدفع عن الغارمات المطلوبات قبل تنفيذ الحكم القانوني بحقهن وذلك بدون تنسيق مع ادارة مراكز الاصلاح والمحاكم وفي حال كان هناك نزيلات مطلوبات على مبالغ اقل من 1000 دينار يتم الدفع للجهه المختصه واجراء الافراج عنهن وتم الافراج خلال 14 عاما عن 70 غارم وغارمة من خلال الجمعية

ويؤكد ابو صوفة ان شركات التمويل الاصغر لا توجد رقابة مكثفه عليها وأنها ذات فائده عاليه وبعد اخذ قرض المشروع الانتاجي تكون مدته قصيره لذلك نجد معظم النساء تتعثر في تسديد المبالغ المطلوبه وتتراكم الفوائد بسبب التأخير لذلك تلجأ شركات التمويل للمحاكم فتصبح الغارمة مطلوبه للقضاء.

شركات تمويل تشرف على المشاريع

عملية القروض التمويلية شائكة لأن شركات التمويل لا تشترط وجود مشروع حقيقي ولا تتأكد من قدرة المقترضه من سداد الأقساط المترتبه وبعضها لا يطلب كفيل حتى فسجن المرأه يؤثر على الاسرة والمجتمع بشكل كلي لانها تصبح متخفية ولا تخرج من بيتها وعطائها يكون اقل.

لكن صندوق التنمية والتشغيل يعمل بنظام حقيقي انتاجي مغاير لشركات التمويل الاخرى التي تتنافس على زيادة الحصة السوقية لكل منها، وذلك تعمل على نظام يضمن فتح مشروع انتاجي للمقترض من خلال الكشف الحسي على موقع المشروع والاستعانه بمتخصصين بالبرامج الانتاجية “اراده” لمساعدة المقترضة في انجاح مشروعها.

واذا لم يكن المشروع مجدي وغير ناجح يمتنع صندوق التنمية والتشغيل من اعطاء القرض. اما في حال الموافقة على المشروع والكشف من قبل ضابط المشاريع يتم صرف القرض على دفعتان تدفع للتاجل او الوسيط حتى يتم ضمان تشغيل المبلغ بالشكل الصحيح، وخلال صرف الدفعة الاولى يتأكد ضابط المشاريع من ان المبلغ تم صرفه على تكاليف المشروع وعلى ضوء ذلك يتم صرف الدفعة الثانية.

ويبين مدير صندوق التنمية والتشغيل في جرش الدكتور عيسى العواوده ان صندوق التنمية والتشغيل ان تأخرت المقترضه عن سداد الدفعة لا يترتب عليها غرامات تأخير لأن الصندوق يعمل بنظام المرابحة الاسلامية وتمتد فترة السماح من ستة اشهر الى سنة حسب البرنامج المتفق عليه، خلافاً لكل شركات التمويل التي تأخذ غرامة عن كل يوم تأخير من دينار ونصف الى ثلاثة دنانير اي بواقع تسعين ديناراً عن كل شهر من دون القسط نفسه.

اما طريقة تحصيل الاقساط من المقترضات فيكون على مراحل وبشكل رسمي فيبدأ بأرسال رسائل قصيره لتذكير المقترضة بالدفعة، ثم بالمكالمات الهاتفية وفي حال تعثر المقترضة يتم عمل تسوية وتخفيف المبالع المترتبه عليها حتى تكون قادرة على دفع الاقساط المطلوبة، فهدف صندوق التنمية والتشغيل غير ربحي يهدف الى تشغيل الشباب وتمكين المرأة حتى تكون قوية في المجتمع الاردني .

من هي الغارمة؟

يختلف مصطلح الغارمات والمبالغ المسددة بين كل المسؤولين ويعزى السبب عدم توحيد مصطلح حقيقي لتعريف الغارمة فلا بد من تعريف الغارمات وحصر أعداد السيدات المطلوبات على ذمم مالية، ومراجعة الأعداد لوضع أطر لمن يمكنها الاستفادة من التبرعات، حيث إن بعض الديون تخرج عن نطاق الغارمة.

فهل الغارمه من تأخرت بسداد القسط لمدة تزيد عن شهر كما عرفها مدير شبكة مؤسسات التمويل الأصغر؟ ام هي تلك التي اقترضت لإنشاء مشروع ولم ينجح وتعثرت بسداد المبلغ؟ ام هي المقترضه من اكثر من شركه ومتورطه بقروض اخرى وشيكات بنكيه وعليها التزامات بين ألف – ألفي دينار، حيث يصل عددهن إلى نحو 7 آلاف سيدة وبذمم مالية تقدر بـ 7.5 مليون؟

اذا ما عملنا على توسيع قاعدة الشمول لخروج أكبر قدر عدد ممكن من الغارمات، فإن العدد من السيدات الغارمات يرتفع والمبالغ ترتفع، فلا بد من وجود جهات متخصصة لتعريف الغارمات، والموضوع مرتبط بدخل الأسر وعدم التكرار وعدم ارتباط الغارمة بقضايا الاحتيال بل من أخذن القروض لغايات حياتية وأساسية.

لذلك يجب وضع ضوابط لتحديد من يمكن أن نطلق عليه لقب “غارمة”، ومن الضروري التعاون مع البنك المركزي لفرز القضايا وتحديد طبيعة الدين والتحقق من المقترضة التي تملك مشروع وتكون قادرة على التسديد، ومن لديها دخل وممتلكات لا يجوز السداد عنها ويجب التحقق من هذه الأمور قبل التسديد.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *