العشوائية في استخدام المضادات الحيوية تخرج عن السيطرة

Posted by

شرين الصغير _ معهد الإعلام الأردني

أنواع من المضادات الحيوية
تصوير شرين الصغير

بعد أكثر من 90 عاماً على اكتشاف البنسلين – أول أنواع المضادات الحيوية –  و بالرغم من إثبات نجاحه في التغلب على العديد من أنواع البكتيريا ، إلا أنه وبسبب سوء الاستخدام من الممكن أن يتحول إلى خطر فتاك يؤثر على وظائف الجسم الحيوية. وقد أثبتت العديد من الدراسات أن مقاومة المضادات الحيوية هي من أكبر المخاطر التي تحيق اليوم بالصحة العالمية . وتحدث مقاومة المضادات الحيوية بشكل طبيعي، ولكن تتسارع  وتيرتها بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للإنسان والحيوان.

منظمة الصحة العالمية

قالت دلال سليمان  أم أحمد   “ابني عانى كتير من كتر ما أخد مضادات حيوية”  هكذا وصفت دلال حالة ابنها البالغ من العمر 16 عاماً بصوت يملؤه الألم . حيث أصيب ابنها بمرض جلدي (مسامير اللحم) وهو في العاشرة من عمره ، وعلاجه إما بالكيّ أو بمضادات حيوية ، رجّح الطبيب المعالج استخدام المضادات الحيوية  بسبب ارتفاع تكاليف الكي، فأقرّ له الطبيب 12 نوعاً من المضادات الحيوية وبجرعات متتالية.

و بحسب أم أحمد بدأ ابنها بالتحسن، ولكن كثرة المضادات الحيوية أثرت على البكتيريا الصديقة الموجودة في المعدة والأمعاء، ما أثار لديه مشاكل بالهضم ، “ممنوع يشرب حليب ولا ياكل بقوليات” فأصيب بوعكات صحية في الهضم و المعدة ، فاضطر الطبيب إلى إعطائه بكتيريا صديقة “وطبعا هذا الدوا غالي كتير ، طلعنا من اشي لإشي أكبر ” .

تعاني دلال من تردي الوضع المعيشي، ” كنا قبل الكورونا يادوب مسلكين ونقدر نجيب الدوا ، والآن وبعد الكورونا الوضع صار بالحضيض” ، إضافة إلى أنها غير خاضعة لأي تأمين صحي ما زاد من معاناتها لعدم قدرتها على تأمين العلاج لابنها.

استخدامات المضادات الحيوية  

قبل الوقوف على مخاطر المضادات الحيوية كان لزاماً معرفة ماهية المضادات الحيوية و دواعي استعمالها، و هذا ما أجابت عنه مساعد عميد كلية الطب في الجامعة الأردنية الدكتورة منار اللوامة أن المضادات الحيوية هي مادة أو مركب يقتل أو يثبط نمو الجراثيم ، وتنتمي إلى مجموعة أوسع من المركبات المضادة للأحياء الدقيقة و تستخدم لعلاج الأمراض التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة البكتيرية بما في ذلك الفطريات و الطفيليات.

و أضافت أن عمل المضادات الحيوية تعطيل وظائف حيوية مهمة في سلالات البكتيريا الضارة، لتقضي على البكتيريا تماماً أو توقفها عن العمل والتكاثر بشكل طبيعي، ويساعد هذا الجهاز المناعي على مواجهة العدوى والالتهاب.

و نوّهت مساعد عميد كلية الطب إلى أن أنواع المضادات الحيوية تستهدف أمراضاً مختلفة ومتنوعة، وتنقسم عادة إلى نوعين منها مضادات حيوية تستهدف شريحة واسعة من السلالات البكتيرية، مثل الأموكسيلين والجنتاميسين. ومضادات حيوية تستهدف بضعة أنواع فقط من السلالات البكتيرية المسببة للأمراض مثل البنسلين.

يُعد تناول المضادات الحيوية دون وصفة طبية من أهم المخاطر التي ذكرها اختصاصي الأمراض المعدية الدكتور منتصر البلبيسي  الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مؤكداً على أنها لا تعالج فيروسَيّ البرد والإنفلونزا، و قد تؤدي إلى زيادة نشاط البكتيريا أو الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية ، وفي بعض الأحيان قد تسبب الوفاة.

بعض من أنواع المضادات الحيوية

وأوضح  البلبيسي أن مجموعة الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي للفرد تحتوي على 10 مرات من عدد الخلايا الموجودة في جسم الإنسان، و أن عدد هذه البكتيريا والميكروبات الأخرى تصل إلى 39 ألف مليار لدى الفرد الذي يزن 70 كغم . والعديد منها يعيش على أجسام البشر والحيوانات (سواء على الجلد، أو في المجاري التنفسية، أو الفم، أو الجهاز الهضمي، أو التناسلي، أو المجاري البولية) ، دون أن تسبب أي أذى. وهي مفيدة للبشر ، سواء عن طريق المساعدة على هضم الطعام، أو الوقاية من نمو أنواع مختلفة وخطيرة من البكتيريا.

تأثير المضادات الحيوية على الأطفال

بالحديث عن تأثير المضادات الحيوية على الأطفال، قال الدكتور وائل سنقرط استشاري طب أطفال و حديثي ولادة إن الأطفال الذين يتناولون المضادات الحيوية بكثرة، ولم تتجاوز أعمارهم العامين، تسببت بنقص المناعة و أثرت عليهم لعمر متقدم، و يزيد ذلك من تعرضهم للأمراض التي تهدد حياتهم ، كما أثبتت الدراسات أن تناول المضاد الحيوي في غير محله يتسبب في الحمى الشوكية، لذلك لا بد من تحديد الجرعة  التي يحتاج إليها الجسم و بشكل صحيح و تحت إشراف الطبيب، و لا يتم إعطاؤها للطفل بشكل مستمر حتى لا تتسبب في مضاعفات للجسم منها الاضطرابات الهضمية و الإسهال و القيء و خطر الإصابة بالبدانة بعد ذلك .

” المضادات الحيوية قضت عليها بالنهاية ” بهذه الكلمات أنهت أم سارة حوارها عن معاناة طفلتها ذات العامين، التي انهكتها إبر المضادات الحيوية ، وقتلتها فطريات الكانديدا.

مقابلة مع أم سارة التي توفيت ابنتها ( سارة ) من كثرة المضادات الحيوية

ويكشف الإصدار الأول لمنظمة الصحة العالمية لعالم 2018 بيانات ترصد مقاومة المضادات الحيوية ، عن ارتفاع معدلات مقاومتها في عدد من الالتهابات البكتيرية الخطيرة.

بيانات حول نسبة مقاومة بعض الأمراض لبعض أنواع المضادات الحيوية

منظمة الصحة العالمية، بيانات جديدة تثبت ارتفاع معدلات مقاومة المضادات الحيوية في أنحاء العالم كافّة

وحذر استشاري الأمراض المعدية من أن الإشكالية ليست فقط في تناول المضادات دون وصفة طبية، بل في عدم إجراء فحص زراعة البكتيريا في المختبر الداخلي للمستشفى، من ثم يُحدد نوع المضاد الحيوي المناسب حسب نتيجة الفحص.

و أوضح أن الحل لتعويض ما تم تدميره من البكتيريا النافعة هو عن طريق تناول البراز ، بما يحتويه من كائنات دقيقة قادرة على التصدي للبكتيريا . حيث أنه في بعض مستشفيات و عيادات دول متقدمة كـ بريطانيا يقدمون علاجاً للمرضى تتضمن تناول نحو 50 مللغراماً من البراز . و هذا من شأنه علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي .

نقص الأدوية

 وقال الصيدلي عماد مسامح إن السبب في نقص الأدوية إما أن تكون مفقودةً أو غير متواجدةٍ من الأساس، و يعود ذلك إلى وجود نسبة هدر في الأدوية لعدم وجود وعي صحي لدى المرضى مما يؤدي إلى الرغبة في تجميع العلاجات لديهم دون استعمالها. إضافةً إلى أن الأدوية التي تشهد انقطاعًا من وزارة الصحة هي الأدوية التي لها وكيل وحيد و تحتاج إذن مسبق للاستيراد منها أدوية الأمراض الوراثية و أدوية الكلى .

الأزمة القائمة في استخدام المضادات الحيوية

قالت استشاري الأمراض الباطنية الدكتورة نسرين السلايطة إن الزيادة المطردة في الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية من شأنه أن يزيد من مقاومة البكتيريا لأنواع المضادات الحيوية ، ضد الأمراض سواء على الأطفال أو الكبار، لذلك لا بد من اتباع العلاج التحفظي الذي يزيد من مناعة الجسم طبيعياً كـ تحسين الغذاء.

وأضافت أن مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها تزداد في الحالات التي يتسنى فيها شراء تلك المضادات دون وصفة طبية. وهذا يظهر جلياً في البلدان التي لا تطبق مبادئ توجيهية معيارية في مجال العلاج ، و أن العاملين الصحيين والأطباء البيطريين غالباً ما يبالغون في وصف أو بيع المضادات الحيوية التي يفرط الناس في استخدامها.

و أشارت السلايطة إلى أن مخاطر استخدام الأدوية دون وصفة طبية لا يقتصر على المضادات الحيوية فقط، بل يشمل جميع الأدوية لما لها من مخاطر على صحة الإنسان كأدوية الضغط والسكري.

و أكدت الدكتورة زينة هلسة مديرة قسم الصيدلة السريرية في وزارة الصحة أنه في حال إساءة استخدام المضادات الحيوية والإفراط في استعمالها ستؤدي إلى تسريع وتيرة مقاومتها جنباً إلى جنب مع تردي الوقاية من عدوى الالتهابات ومكافحتها، ونحن مقبلون على عصر ما بعد المضادات، فهنالك تحذيرات لمنظمة الصحة العالمية تثبت أن عام 2050 ينذر بقتل الملايين حول العالم ، لأن بعض الاضطرابات الصحية البسيطة في أيامنا هذه ستصبح مميتة في المستقبل، إذا فقدت المسكنات والمضادات نجاعتها.  حيث تتعرض إنجازات الطب الحديث للخطر بفعل مقاومة المضادات الحيوية، وباتت عمليات زراعة الأعضاء و العلاج الكيميائي و العمليات الجراحية، مثل عمليات الولادة القيصرية، أكثر خطورة من دون توفير مضادات حيوية فعالة للوقاية من عدوى الالتهابات الناجمة عنها و علاجها. واستخدام المضادات الحيوية يزيد بشدة في بعض الدول، مشيرة إلى أن هناك حاجة ملحة لتحرُّكٍ عاجلٍ للحد من الاستهلاك غير الضروري لهذه الأدوية .

أشهر أنواع المضادات الحيوية

أوضحت السلايطة أن هنالك تصنيفات عديدة للمضادات الحيوية وكل تصنيف به أجيال حسب تطورها، مثلا إذا أخذنا أشهر الأنواع ويعرف بــــ البيتا لاكتام أو مدمرات جدار الخليه أو البنسلينات، فأول جيل تم اختراعه هو البنسلين المائي ويؤخذ بالحقن ومن ثم تطور الى البنسلين طويل المفعول، ثم الى البنسلينات التي تعطى بالفم، وتم تطويرها الى بنسلينات لا تتأثر بالإفرازات المدمره للبكتيريا كالبيراسيليم والكلوكساسيلين وغيرهم . وتم تطويرهم إلى أنواع محدودة التأثير ضد عدد معين من البكتيريا إلى مضادات حيوية تؤثر على مجموعة كبيرة من البكتيريا كالسيفالوسبورينز مثلا كل جيل منها مضاد لمجموعه معينة من البكتيريا . وهناك أنواع عديدة بآلية عمل مختلفة للقضاء على البكتيريا، فهناك ما يستهدف البروتين الموجود فى البكتيريا ويمنعها من النمو كالإيرسروميسين والأمينوجليكوسيدز. وهناك ما يستهدف الحمض النووي للبكتيريا كمجموعة الفلوروكينولونز ومنها أجيال عديدة حسب التطور والفاعلية والقوة.

وأضافت السلايطة أن عدوى سلالات البكتيريا العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيللين ( MRSA ) تعد نوعاً من البكتيريا العنقودية التي تصبح مقاومة للعديد من أنواع المضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى بالبكتيريا العنقودية في العادة. و المكورات العنقودية الذهبية ما هي إلا نتاج عقود من الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية. و يبدأ غالباً على هيئة دمامل مؤلمة تصيب الجلد ، وينتشر بالتلامس.

بيانات حول نسبة عدم فاعلية العديد من أنواع المضادات الحيوية على المكورات العنقودية الذهبية

المضادات الحيوية و العقاقير البيطرية في الإنتاج الحيواني

أوضح الطبيب البيطري علاء النجار أن تاريخ استخدام المضادات الحيوية والعقاقير البيطرية في الإنتاج الحيواني يرجع بدايةً إلى العام 1951 عندما وافقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية على إضافة البنسلين والتتراسايكلين في تغذية الدواجن كمحفزات للنمو، ولرفع الإنتاج عند الدواجن. وفي أواخر التسعينيات وصل معدل الاستخدام السنوي من المضادات 100% تقريباً من كل الطيور اللاحمة التي تغذى بالمضادات الحيوية في العديد من الدول ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية.

المخاطر المرتبطة بمتبقيات المضادات الحيوية في المنتجات الحيوانية

أجاب الدكتور النجار أن وجود متبقيات المضادات الحيوية وارتفاع مستواها عن الحدود المسموح بها في المنتجات الحيوانية يتسبب بعدد من المخاطر الصحية و البيئية للبشر .

وأضاف أن استخدام المضادات الحيوية في الطب قد يكون أمراً جوهرياً وضرورياً في بعض الأحيان و خصوصاً فيما يتعلق بمعالجة مجموعة من الأمراض البكتيرية.

وقال استشاري الأمراض المعدية إن من أهم المخاطر الصحية للمضادات الحيوية التأثيرات السامة والمسرطنة غير المسموح باستخدامها في الإنتاج الحيواني. وتعتبر من أكثر المخاطر تهديداً لصحة المستهلكين خاصة بعد حظر استخدام  المضادات عند ظهور العديد من التقارير العلمية التي أكدت خطورة وسُميّة هذه المضادات على المستهلكين، و بالرغم من الكثير من الدعوات لمنع ومراقبة استخدام هذه المضادات ، إلا أن هنالك الكثير من التجاوزات إضافة إلى تزايد استخدامها في دول كثيرة حول العالم .

و أشار إلى أن العشوائية في استخدام المضادات الحيوية في المنتجات الحيوانية، و العشوائية في الكميات المستخدمة و عدم التزام الجهات الإنتاجية بفترة الأمان (فترة تخلص الجسم من المضاد الحيوي)، تقضي بعدم السماح ببيع الحيوان أو منتجاته حتى يتم التخلص من متبقيات المضاد الحيوي أو فضلاته. فثمة أنواع من المضادات الحيوية بها آثار متبقية و أنواع أخرى ليس لها آثار متبقية.

و نوه إلى أن هناك قوانين تمنع ذبح الحيوان الذي تعاطى مضادات حيوية لها آثار متبقية . أما فيما يتعلق بالدواجن فإنها غالباً ما تتخلص من الآثار المتبقية للمضادات خلال ثلاثة أيام فقط من التوقف عن الاستخدام ، لأن الدواجن أسرع من الحيوانات في التخلص من بقايا المضادات الحيوية .

وأضاف مستشار الأمراض المعدية إلى أن المشكلة تكمن في كون بعض الجهات لا تتوقف عن استخدام المضادات الحيوية قبل يوم واحد من تسويقها، وخاصة في الدواجن. ومن الممكن حل هذه المشكلة بالاحتفاظ بالحيوانات لفترة إضافية بسيطة (فترة الأمان) قبل تسويقها، لضمان خلوها من متبقيات المضادات الحيوية .

وأردف النجار قائلاً إن استخدام المضادات الحيوية في الطب البيطري قد يكون أمراً جوهرياً وضرورياً في بعض الأحيان وخصوصاً فيما يتعلق بمعالجة مجموعة من الأمراض المنتشرة في هذا القطاع .

الدور الرقابي

قالت الدكتورة نداء بوارش رئيس قسم الاستخدام الرشيد للدواء في مؤسسة الغذاء والدواء إن ضعف الرقابة على صرف المضادات الحيوية في الأردن مقارنة بالدول العربية الأخرى كدول الخليج مثلاً، وخطورة صرفها بدون وصفة طبية معتمدة من الطبيب، في وقت غابت فيه العقوبات جراء هذه الممارسات التي وصفت بأنها مخالفة صريحة لنظام مزاولة المهن الصحية.

ونوّهت بوجود قانون يمنع بيع المضادات الحيوية لكنه غير مفعل في الأردن بالرغم من تفعيله في بعض الدول العربية.

وأضافت الدكتورة بوارش أن للحكومة كذلك دوراً رئيساً في لجوء المواطن إلى الصيدليات لشراء المضاد دون استشارة طبية ، وذلك بسبب عدم وجود تأمين شامل ، حيث بلغ 25%  عدد الأردنيين غير مؤمنين بالكامل، إضافة إلى الجنسيات الأخرى من السوريين والسودانيين وغيرهم . و يبلغ عدد المؤمنين صحياً 75% و يبلغ عددهم من مدنيين وعسكريين و أطفال تحت سن 6 سنوات 3 ملايين و 600 ألف مواطن . بحسب دائرة التأمين الصحي التابعة لوزارة الصحة لعام 2019.

بيانات حول نسب التأمينات الصحية في القطاعات

و قالت الدكتورة بوارش إن الأردنيين غير المؤمنين يلجؤون في أغلب الأحيان إلى الصيدلاني مباشرة لأن الطبيب في الغالب يطلب عدة تحاليل وفحوصات قبل أن يكتب العلاج مما يكلفهم الكثير وقد تصل هذه التحاليل إلى 100 دينار، وبالتالي فإن المريض “يستسهل”  فكرة أخذ الدواء دون تشخيص، و في الأردن لا يوجد نظام طبي كامل يؤمّن الفحص .

قال النائب السابق و الدكتور الصيدلي زكريا الشيخ إن المادة 87 من قانون الدواء و الصيدلة لعام 2013 و المادة 68 من نفس القانون تمنعان صرف المضادات الحيوية دون وصفة طبية ، وفي عام 2018 صدر قرار من مؤسسة الغذاء و الدواء بهذا الخصوص وكان هنالك حملة واسعة لتفعيله  . كما تم تفعيل القانون أيضاً خلال أزمة كورونا .

و عند السؤال عن سبب عدم وجود عقوبات رادعة بسبب التهاون في صرف الأدوية أجاب الدكتور الشيخ بأن هنالك عقوبات رادعة تصل إلى السجن و سحب التراخيص و مزاولة المهنة . ولكن السبب في عدم تفعيل القانون هو ضعف الرقابة . و هنالك قرارات عديدة من منظمة الصحة العالمية تمنع بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية.

و أشار إلى أن الشق الرقابي في الاستخدام الآمن للمضادات الحيوية متفاوت ، وهي مسؤولية رباعية  مشتركة بين وزارة الصحة و مؤسسة الغذاء والدواء و الصيدلي و المريض ، وشدد على دور المواطن وتوعيته بالاستخدام الآمن للمضادات الحيوية وهو من سيرتقي بمستوى الالتزام المطلوب.

و عند سؤال الدكتور الشيخ عن تأثر الصيادلة إذا تم تفعيل القانون أجاب ” نعم ستتأثر بشكل مؤقت ، و لكن على المدى البعيد حينما تلزم المريض بإحضار وصفة طبية للمضاد الحيوي سيكون لصالح الصيادلة من الناحية التجارية.

الثقافة المجتمعية

تعد زيادة فهم مقاومة المضادات الحيوية وتشجيع الاستخدام الصحيح للمضادات الحيوية لدى من يصفها ولدى عموم الناس، مفتاح مكافحة الاستخدام غير الضروري لهذه الأدوية، وقد أطلقت بعض البرامج المهمة في البلدان المتطورة منها Strama  في السويد، و Get Smart  في الولايات المتحدة الأمريكية والحملات الوطنية المتعددة العمومية في أوروبا. حيث تم إجراء دراسة عام 2018 حول ظهور المقاومة لأنواع من المضادات الحيوية وقد قُدّر إصابة مليوني شخص في الولايات المتحدة ببكتيريا مقاومة ، مما أدى إلى وفاة 23000 سنوياً.

بيانات تبين نسبة الجرعة اليومية من المضادات الحيوية في بعض دول العالم

منظمة الصحة العالمية

 أما محلياً فقد أطلق الاتحاد العالمي لجمعيات طلبة الطب فرع الأردن ومقره جامعة العلوم و التكنولوجيا عام 2012 حملة لتوعية المواطنين حول سوء استخدام المضادات الحيوية بدعم من شركة الحكمة، إلا أنها لم تلق صدى بحسب دكتور قسم الصيدلة السريرية الدكتور طارق مقطش.

كما أطلقت المؤسسة العامة للغذاء والدواء عام 2018 “استراتيجية العمل الوطنية لاحتواء مشكلة مقاومة المضادات الحيوية” حيث جاءت نظراً للمستجدات العالمية بخصوص مقاومة البكتيريا وتفاقم مشكلة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، والتي ينتج عنها وفاة ما يقارب المليون شخص كل عام بسبب الالتهابات البكتيرية التي لا يمكن علاجها بالمضادات الحيوية الشائعة .

المؤسسة العامة للغذاء و الدواء

الحلول

قال استشاري الأمراض المعدية البلبيسي إنه لإيجاد حل لتلك المشكلة قبل أن نصل لعصر ما بعد المضادات الحيوية ، وقبل أن نجد أنفسنا أمام مفترق طرق نهايته كارثية، علينا أن نعمل على تكافل الجميع كالمؤسسات المعنية والصيادلة والأطباء والحكومة والمواطن، لأن التوعية لا تتحقق بشخص واحد وإنما هي مسؤولية تكافلية تقع على عاتق كل واحد منا . فعلى الحكومة أن توفر لكل مواطن يعيش على أرض الأردن تأميناً صحياً شاملاً، يغطي جميع تكاليف الفحوصات الطبية، و يغطي جميع أنواع الأدوية. فبعد الملاحظة والبحث تبيّن أن نسبة من يقبلون على شراء المضادات دون وصفة طبية هم من لا يملكون تأميناً صحياً و أصحاب الدخل المحدود.

أضاف أنه على المؤسسات المعنية كالرقابة و غيرها أن تشدد الرقابة على الصيدليات كي لا تبيع المضادات دون وصفة طبية و عدم وضع المضادات الحيوية ذات العيار العالي على رفوف الصيدليات وبيعها للمرضى.

وأكد أن على الجهات المسؤولة تغليظ العقوبة في حال المخالفة، على أن تبدأ بغرامة مالية و تنتهي بالسجن. ويمكن عمل حملات توعية مكثفة تبدأ بالمدارس . ولا ننسى الدور المهم للإعلام في التوعية وبيان مخاطر الاستخدام العشوائي للمضادات. وبيان ما ستؤول إليه الحال بعد المضادات. وعمل توعية للأهالي و خاصة في المناطق الفقيرة بعدم اللجوء إلى الأدوية عند أقل وعكة صحية، وعدم تناولها دون استشارة طبية. وكذلك وضع رقابة على أصحاب الدواجن والحظائر والمزروعات لتقنين استخدام المضادات الحيوية في منتجاتهم . وعدم بيع المنتج إلا بعد مرور فترة الأمان عليه .

و نوّه إلى أن فقر الأردن بالبيانات والدراسات تخفي حجم الكارثة التي نحن مقبلون عليها، فيجب إجراء دراسات دورية لأعداد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ، إضافة لإجراء دراسات حول عدد الوفيات بسبب المضادات، و إن كان هنالك دراسات فيجب السرعة في إنجازها لحصر المشكلة قبل تفاقمها، لأننا مقبلون على عصر تكون فيه البكتيريا خارقة لا أدوية تقضي عليها.

و تسهيل عمل الصحافة للحصول على المعلومات و البيانات التي تدعم عملها، لأن الصحافة أدعى لنشر التوعية بين الناس .

فيديو توعوي عن المضادات الحيوية

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *