المناهج الدراسية الحالية…بين التلقين والفكر الناقد

Posted by

 

تفاعل الشارع الاردني وما زال يتفاعل مع قضية المناهج في السنوات القليلة الماضية، بيد ان العام الدراسي الحالي شهد الرأي العام الأردني تناقضات كبيرة بين من يؤيد ومن يعارض المناهج المدرسية التي تم تعديلها وتطويرها.

هذا التفاعل والذي كان في اغلبه رافضاً للتعديل والتطوير جاء بناءاً على حملات إعلامية ضد المناهج الجديدة والتي جاءت كخطوة تطويرية من قبل الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة التربية والتعليم وصل لحد أن يعقد وزيري التربية والتعليم والإعلام مؤتمراً صحافياً ليتم توضيح وتفنيد ابرز ما تم تداوله من شائعات حول المناهج من انها أغفلت الجانب الديني وانه تم إزالة الكثير من الآيات القرائنية والاحاديث النبوية منها.

في الوقت الذي اغفل من عارض التطوير تدني مستويات الطلبة الثقافية بل وحتى تحصيلهم في المسابقات العلمية العالمية وخصوصاً في مادتي الرياضيات والعلوم ,وذلك بحسب خبراء، حيث تراجعت بنسبة كبيرة في السنوات الخمس الماضية نسبة من ينجح في الإختبارات العلمية في هاتين المادتين ، بعدما كانت الاردن في مراتب تعتبر متقدمة إلى حد ما وخصوصاً على مستوى المنطقة العربية ، حيث أن الدول العربية التي كانت في مستويات علمية ادني من الأردن باتت الآن متقدمة عليها وبعدة مراتب.

في حين طالب خبراء تربويين ضرورة تغيير المناهج الدراسية لعدة اسباب تراوحت بين من إتهم أن هذه المناهج هي من يعزز وينمي الفكر المتطرف بين الطلبة ويجعله في بنيتهم الفكرية وفي وعيهم وسلوكهم ، وهذا من أسباب إرتفاع نسبة ظاهرة  العنف والتطرف لدى العديد من الشباب في الأردن.

وأن هذه المناهج ايضاً يجب ان توائم متطلبات العصر وتسارعه في شتى مجالات العلوم والحياة، وأن لا تعتمد طريقة توضيح وشرح المعلومات للطلبة على اسلوب التلقين فقط والذي يعتبر الآن أسلوباً غير موائم وغير فعال، وخصوصاً أن أسلوب التلقين والحفظ أثبت عدم كفائته في رفع مستوى الطلبة العلمي .

إذ أن الطالب ما ان ينهي فصله وعامه الدراسي ويعود لمقاعد الدراسة في العام المقبل حتى يكون قد نسي كل أو جل ما تعلمه وحفظه من معلومات في الأعوام السابقة.

ويرى الدكتور ذوقان عبيدات الخبير التربوي وأحد أبرز من يطالب بتغيير المناهج الدراسية وليس فقط الكتب المدرسية ، أن المناهج يجب ان تنمي الفكر الإبداعي والناقد والتحليلي والتأملي والخيال عن الطلبة ، لأن الخيال والتفكير هو الطريق الامثل للوصول إلى العلم ، وبالتالي رفع سوية الطلبة العلمية ومستواهم ، بل وحتى طريقة نظرتهم للامور وللحياة وللمرأة على وجه الخصوص، إذ يقول عبيدات أن المناهج الحالية تعلم الطلبة بأن المرأة هي الاخت والأم والزوجة والبنت ، في حين لا تعلم الأجيال أن المرأة هلي الإنسان وأنها مستقلة بكينونتها ولا يجب أن تكون دائماً مرتبطة ب ” هو” .

ويرى خبراء آخرين ان المناهج يجب ان توائم الذكاءات المتعددة لدى الطلبة فهناك من هو ذكاءه تأملي ويحتاج لأن يتامل ويتفكر حتى يتوصل للحقيقة وللمعلومة ، وأن هناك من هو ذكاؤه تحليلي ويحب ان يقوم بتحليل المعلومات ومناقشتها وتفنيدها حتى يقف على كافة جوانب المعلومة ويتلاقها بالشكل الصحيح، وأنه لا يجب ان يبقى الأسلوب الوحيد والقديم “التلقين” هو السائد في الوقت الذي تحتاج الاجيال لنهضة حضارية تحتم على وزارة التربية والتعليم وعلى من يقوم بوضع المناهج وصياغتها ان يراعي كيف يجب ان تكون وعلى أن تبنى على الأسس العلمية الحديثة أسوةً بأوروبا وكوريا الجنوبية والتي قامت في السنوات الاخير بتطوير مناهجها إلى ان وصلت في المرتبة الاولى عالمياً في الرياضيات والعلوم.

في حين أن حجة من يناهض هذا التطوير والتغيير على المناهج أنها قد حذفت كل ما يتعلق بالشؤؤون الدينية بإزالة الآيات القرائنية والاحاديث النبوية وإستبدال صورة المرأة المحجبة بأخرى غير محجبة ، وأن هذا بحسب رأيهم لا يتناسب مع دين وعادات وقيم المجتمع الأردني.

لم يتوقف سبب رفضهم بسبب الجانب الديني فقط ، بل ذهبوا إلى ان المناهج الجديدة هي مناهج لا تقوم على أساس الفكر القومي والعروبي وأنها تغفل القضية الفلسطينية بل وتلغي الإعتراف بان القدس عاصمة فلسطين وذلك عن طريق إستشهادهم بعبارة قيل أنها وردت في كتاب “التربية الوطنية” للصف الثالث نصها “أن القدس عاصمة إسرائيل”، وعند البحث في محتوى المناهج الجديدة لمختلف الصفوف الدراسية تبين ان المناهج الحديثة لم تزل الآيات القرآنية منها ولا الأحاديث ، بل ولم ترد عبارات أو إيحاءات تغفل القضايا العروبية وقضية فلسطين، وأن عبارات كتلك التي تتحدث عن ان القدس عاسة إسرائيل وردت في منهاج إسرائيلي مكتوب باللغة العربية، فضلاً على انه لا يوجد كتاب أسمه “التربية الوطنية” للصف الثالث ، إنما كتاب الإجتماعيات.

وجهت أسئلة لعينة من افراد الشعب الأردني عن ما إذا قد اطلعوا على فحوى ومحتويات المناهج الدراسية الجديدة، وكانت الإجابات في أغلبها “لا” وأن سبب رفضهم للتطوير الأخير الحملات الإعلامية المضادة التي جرت ضد هذا التطوير.

هذا وقد تم تشكيل لجنة لتطوير المناهج بإرادة ملكية سامية ، برئاسة الدكتور عدنان بدران ، مما يعكس توجه لدى الحكومة الاردنية بضرورة وحتمية تطوير المناهج الاردنية ، وذلك بعد طرح الورقة النقاشية الملكية السابعة والتي كانت عن ضرورة تطوير التعليم والمناهج وان يتم أخذ ما يناسب الحاضر من الماضي وان تكون هذه المناهج تلبي متطلباتن العصر ليس الحاضر و المستقبل

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *