مبيدات “سامة وممنوعة التداول أردنيا وعالميا” تباع في محلات المواد الزراعية في وادي الأردن

Posted by

فرح عطيات وريف برهومة ومحمد الخمايسة

تتجلى العشوائية في استخدام المبيدات السامة، والمصنفة بأنها “ممنوعة محليا ودوليا”، من قبل مزارعين في وادي الأردن، في ظل غياب الرقابة الحكومية والمعرفة السليمة بعملية رش المزروعات.
وفي مسعى لمكافحة الحشرات الضارة التي تصيب المحصولات الزراعية، وإبادة الحشائش من حولها، يفرط مزارعو الأغوار في استخدام المبيدات السامة، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية على البيئة والصحة العامة للمواطنين.
وينتشر في محلات بيع المواد الزراعية المنتشرة في وادي الأردن، بيع المبيدات، التي أوقفت الأردن والعديد من الدول الاوروبية استخدامها منذ عام ٢٠١٣، مثل الباراكوات، ودايمت ويث، والراوند أب، والإميدور.
ويأتي القرار بالمنع، بعد ما توصلت اليه الوكالات البيئية الدولية، والدراسات العالمية من أن استخدام تلك المبيدات بكثرة، يتسبب في إصابة الإنسان بمرض باركنسون، واضطرابات في الأجهزة التنفسية والهضمية، وتلفا في الحويصلات الهوائية.
وفي ظل غياب الدراسات والفحوصات العلمية من المؤسسات الحكومية العاملة في القطاع الزراعي للتعرف على كمية ونوعية المبيدات المستخدمة، فإن التجار يلجأون لبيع الأصناف الممنوعة، والتي تحمل علامات تجارية لـشركات محلية.
وكشفت زيارات ميدانية، قام بها فريق “صحافيون”، وعلى عدة أيام، إلى وادي الأردن، لنواع المبيدات الممنوعة والمتداولة بين المزارعين، والية بيعها، التي تجرى بالخفاء وبعيدا عن أعين رقابة الجهات المعنية.
وأكد المزارع سميح سلمان هاشم على أن ” بعض المزارعون يستخدمون مبيدات زراعية ممنوعة وتتصف بأنها شديدة السمية، دون وعي بمخاطرها الصحة والبيئية”.
وبين، في حديث لـ”صحافيون”، أن “أغلب الشركات المستوردة لهذه الأصناف من المبيدات، تعهد على بيعها بأسماء تجارية مختلفة، خوفا من التعرض لأية عقوبات قانونية”.
ولدى قراءة المحتوى على ملصقات العبوات الخارجية للمبيدات، فإن نسب المادة الفعالة، مثل الباركوات، دون عليها.
ذلك الأمر يفتح الباب لتساؤل وجهه سمان هاشم “عن كيفية سماح الرسمية بإدخال هذه الأنواع من المبيدات رغم أن الأردن منع استيرادها وتداولها؟”
ونتيجة تدني الوعي لدى بعض المزارعين حول مضار استخدام تلك المبيدات” فإن الاعتماد على المعلومات لا يكون إلا عبر الجهات المستوردة فقط”.
وضرب مثالات على المبيدات الممنوعة، والمستخدمة من مزراعين، “دايمت ويث”، والذي تم منعه في دول عجة، باعتبار أن متبقياته السمية وتكسرها يحتاج لفترة طويلة تتجاوز العام.
ولا يمكن شراء تلك المبيدات “بطريقة قانونية من محال بيع المواد الزراعية”، بحسب المزارع وليد أبو غريس بل ” بطرق ملتوية”.
إلا أن العديد من مزارعي وادي الأردن، ليس لديهم الاطلاع الكافي بخطورة المبيدات تلك، وفق نقيب عاملات وعمال الزراعة المستقلة في الأردن مثقال الزناتي، الذي حمل مسؤولية نشر الوعي حولها على عاتق وزارتي الزراعة والبيئة”.

وكانت حملة لتقصي الحقائق في الأردن وفلسطين، شكلت خلال العاميين الماضيين، برئاسة الجمعية العربية لحماية الطبيعة، وشبكة العمل على المبيدات في آسيا والمحيط الهادئ، للاستدلال على ما يجري في الأغوار بشأن تلك المبيدات.
وكشفت اللجنة، ومن خلال زيارات متكررة لمنطقة وادي الأردن، قام بها فريق متخصص، عن استخدام مبيدات “خطرة”، تخلت العديد من الدول المتقدمة عن تداولها مثل الباراكوات وغيرها، ودون وجود أية تعليمات ارشادية من وزارة الزراعة الاردنية، او من المجتمع المدني.
“هذه المبيدات لا تسبب فقط أضرارا صحية، بل تهدد التنوع الحيوي في النظام البيئي، والمتصل في حياة الأسماك والطيور والنحل، ما يستدعي ضرورة فرض الجهات الحكومية لرقابتها على تلك الأنواع”، وفق رئيسة الجمعية العربية لحماية الطبيعة رزان زعيتر.
ومنذ أكثر من عشر سنوات، أطلقت الجمعية حملات توعوية حول خطورة هذه المبيدات، بل وعززت من مفهوم المكافحة المتكاملة، القائمة على استعمال تلك الأصناف بكميات قليلة، وضمن الحاجة القصوى.
“ولعل ارتفاع حجم التسيب والإهمال من قبل الجهات الحكومية في موضوع الرقابة، كما هو حاليا، السبب في انتشار تلك المبيدات في وادي الأردن وبكثرة “، وفق زعيتر.
“ولا يتم استخدام المبيدات الممنوعة محليا ودوليا، عن ادارك ووعي من المزارعين وإنما عن قلة خبرة ووعي تام بمدى خطورتها على صحتهم بالدرجة الأولى”، تبعا لها.
ووفق تعليمات وزارة الزراعة لتسجيل المبيدات لسنة ٢٠١٦، والصادرة بموجب المادة ٢١ من قانون الزراعة، فإنه لأي شركة تسجيل مبيدات زراعية الا ضمن شروط، من بينها ضرورة توظيفها لـمهندس زراعي متخصص في هذا الشأن.
وفيما يتعلق بالمبيدات المسجلة في الأردن فإن منع أي مادة فعالة مثل “الباراكوات”، يتم من خلال الدراسات، والتقارير الواردة من مديريات الزراعة حول اضرارها الصحية والبيئية، وفق مدير مديرية الوقاية وصحة النبات في وزارة الزراعة المهندسة خلود عرنكي.
وبعد عرض تقارير لجان مديريات الزراعة، حول ذلك الصنف من المبيدات، اتخذ قرارا بمنع تسجيله وتداوله عام ٢٠١٣، وسمح للتجار ببيع الكميات التي تم استيرادها قبل ذلك التاريخ.
وأما أنواع المبيدات الأخرى، مثل الدايمت ويت، والراوند أب، فإن الأردن تسمح في استخدامها، ولا نية حكومية بمنعها، بحسب عرنكي.
ويحتوي نظام تسجيل المبيدات في الأردن، على ٢٠٠ اسم لمادة فعالة، تمثل ١٤٥٠ اسم تجاري، لمبيدات صحة عامة.
وتؤكد عرنكي على ” عدم وجود اي مبرر لدى المزارعين لاستخدام مبيدات ممنوعة دوليا، فالوزارة قد طرحت في وقت سابق، قائمة تتضمن خيارات متعددة لأصناف من المبيدات المحلية والدولية الصنع”.
وكانت قد شكلت الوزارة، في وقت سابق لجنة تضم في عضويتها، ١١ شخصا، يمثلون مختلف الجهات المعنية، تعمل على تسحيل المبيدات، المستكملة للوثائق المطلوبة، والحاصلة على موافقة أغلبية أعضائها.
وتسبب ارتفاع نسب متبقيات المبيدات أن أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة الاماراتية كتابا نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، يفيد بـ”وقف استيراد بعض الخضراوات والفواكه الأردنية اعتبارا من منتصف أيار (مايو) الحالي”.
وبموجب الكتاب “يمنع إدخال أصناف: الكوسا، الفلفل الحار والحلو، الملفوف، الباذنجان، الفول، الزهرة، الخس، للامارات نهائيا”، مشترطا لدخول الأصناف الأخرى التي لم يشملها المنع “إبراز شهادة تحليل من متبقيات المبيدات النسخة الأصلية”.
وعلى إثر ذلك اتخذت وزارة الزراعة تعديلات للحد من نسب متبقيات مبيدات للمادة الفعالةChlorfenpayrrعلى بعض المحاصيل الزراعية، بهدف حصر وتوحيد استخدام هذه المادة على المحاصيل.
وأكد وزير البيئة ياسين الخياط على أن “الأردن ملتزم في استخدام المبيدات المسموح بها دوليا، وليس تلك الممنوع تداولها، وغير المشروعة”
“ولا يأتي منع تلك المبيدات من فراغ بل عقب دراسات وأبحاث أجريت عليها، أظهرت أضرار تسببها على صحة الانسان والبيئة على حد سواء”، بحسبه.
لكن وزارة البيئة لا دورا رقابيا لها على المبيدات، وإنما ذلك الأمر يقع ضمن دائرة اختصاص وزارة الزراعة.
ويقتصر دور وزارته “على فحص الأثر البيئي لهذه المبيدات، الناجم في الدرجة الأولى من الاستخدام الخاطئ لها من قبل المزارعين”.
وفي حال وصول هذه المبيدات إلى المجاري المائية، فإنها تركيباتها قد تتحلل، مسببة مشكلة أخرى جديدة، لها أضرار أكبر من تلك الأصلية.
وفي رأيه فإن “موضوع متبقيات المبيدات هو الأكثر أهمية، والتي يجب أن يتم فحصها في مختبرات الجهات الحكومية والخاصة”.
ومن أجل الحد من استخدام تلك المبيدات الضارة فأنه لا بد من وجهة نظره” من توفير التأهيل والتدريب الكافي للمزارعين، حول مخاطر المبيدات الممنوعة، على محاصيلهم الزراعية، وعلى صحة الإنسان”.

وتضع مؤسسة المواصفات والمقاييس القواعد الفنية والمواصفة القياسية الخاصة في المبيدات. وبناء على ذلك فأن أي دولة تحرم استخدام أصناف محددة منها، يتم مخاطبة إدارة المؤسسة رسميا، حول ذلك الأمر، باعتبار أنها عضوا في المنظمة الدولية للتقييس، ونظام تلقي المخاطر في الاتحاد الاوروبي.
وتراقب المؤسسة بالتعاون مع وزارة الزراعة ودائرة الجمارك، المنافذ الحدودية، لمنع تهريب اية مواد زراعية غير مرخصة، وفق مديرها العام حيدر الزبن.
وتأخذ المؤسسة نماذج لعينات من المبيدات، التي يتم استيرادها من الشركات للتأكد من مدى مطابقتها ونظام الاعتماد الأردني.
وفي حال ثبوت بيع أصنافا ممنوعة من المبيدات، تقوم المؤسسة بالتحفظ والحجز على البضائع، واتلافها ومصادرتها، وإحالة المخالفين للنيابة العامة.
ويتلقى المخالفين عقوبات تتراوح بين أربعة أشهر إلى عامين، أو دفع غرامة مالية ما بين ألف إلى عشرة الاف دينار، وقد يحكم عليه بكلتا العقوبتين في حال تكرار المخالفة.
ويلزم قانون المؤسسة العامة للمواصفات والمقاييس الحكومة، والدوائر الرسمية التابعة لها، والبلديات، ومؤسسات القطاع الخاص، أن تقوم بدورها في تطبيق المواصفة القياسية الخاصة بكل منتج مستورد.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *