معايير جودة الأبنية في عمان وغياب دور الرقابة والتفتيش

Posted by
عبد الله الخصيلات – مشروع تخرج – معهد الإعلام الأردني
“ورطوني” بهذه الكلمة بدء الثلاثيني محمد رضا قصته مع شراء “شقة العمر” في إحدى ضواحي عمَان، بعد أن لجأ إلى قرض إسكاني من أحد البنوك.
يقول محمد “ماصدقت وخلصت من الإيجارات، كنت متوقع بس اشتري بيت رح اوفر على حالي، وقلت بدل ما أدفع اجار البيت بدفعة اقساط لشقة العمر الي كنت بحلم فيها” ويضيف “أخذت قرض بفوائد عالية عن طريق البنك، وتفاجأ بعد أن اشتريت الشقة وسكنتها بأشهر بلشت معاناتي مع تشققات وتصدعات في الأعمدة الرئيسية والجدران.”

“حلم الشقة” تحول إلى “كابوس” بعد أن وصل ثمنهامع الفوائد الى أكثر من “80” ألف دينار، الشقة التي كان الأساس في شرائها أنها سوبر ديلوكس، لم ترتقي الى موصفات الشقة الفنية وأختلف الإتفاق بعد عدة اشهر.
يقول محمد “حال الشقة المزري بات ظاهراً للعيان فالتشققات بدأت تظهر والرطوبة تغطي سقف المنزل وحيطانه والمطبخ والحمامات بين عليها العفن” ويتابع محمد حديثه “الأمر تطور إلى الأسقف ومن ثم تشققات في الأعمدة وخلع في سراميك المطبخ كما أن الحمامات أصبحت بحاجة الى إعادة صيانة كاملة بعد اكتشافنا تعفنها”.
يتخوف محمد من تكرار سيناريو حادثة الغويرية في شقته، جراء إنهيار مبنى يتكون من أربعة طوابق راح ضحيتها 5 أشخاص وإصابة 10من نفس العائلة صبيحة الرابع من تموز، وتسأل من المسؤول الذي يجب ان أراجعة لحل مشكلتي؟.

إنهيار مبنى مكون أربعة طوابق في الغويرية تصوير (عبدالله الخصيلات)
لم ينكر محمد نيته اللجوء إلى القضاء لحل مشكلته و لا يخفي تخوفه من خسارة القضية ضد صاحب الإسكان، في ظل عجزه عن تكاليف الصيانة التي تحتاجها الشقة، فقضية محمد واحدة من القضايا الكثيرة في العاصمة عمّان، وبالروجوع إلى بيانات وزارة العدل تبين أن هناك أكثر من 15 ألف قضية مشابهة منظورة أمام القضاء.
معايير الجودة في الأبنية
تكمن المشكلة في مثل حالة محمد في معرفة الجهة المسؤولية عن هذا الأمر، فالمسؤولية القانونية تضيع في ظل غياب جهات محددة مسؤولة عن تقصير شركات الإسكان في معايير الجودة.
وتتقاذف الجهات المعنية المسؤولية، فيما تؤكد أمانة عمَان أن دورها تنظيما وإداريا وليس رقابيا وفنيا، بينما نقابة المهندسين تدافع عن موقفها وتؤكد أن مسؤوليتها إشرافية على الهيكل الخارجي للمباني و المشاريع الإنشائية ولا علاقة لها بالتشطيبات النهائية.
أما عن الأسباب التي تجعل البيوت تتصدع فكل ادلى بدوه من الجهات المختصة فنقابة المهندسيين والمجلس الوطني للبناء وأمانة عمان الكبرى والدفاع المدني ووزارة الاشغال، أجمعوا أن أسباب قلة معايير الجودة في المواد المستخدمة في البناء تندرج تحت عدة عوامل أساسية، وهي البنية التحتية، وعدم فحص التربة، والبناء فوق الكهوف، وتسرب المياه إلى الأساسات ورداءة المواد المستخدمة في البناء، والبناء القديم، والبناء العشوائي والمخالف، وعدم التقيد بالمخططات الهندسية وقوانين وتعليمات البناء، وضعف الأعمدة والجدران والخرسانية والتسليح، إضافة إلى عدم تحمل البناء للعوامل الطبيعية وعدم التنفيذ بالطريقة الصحيحة.
في حين قالت تلك الجهات أن جميع الأسباب التي تؤدي الى التصدعات وانهيار المباني وغيرها من الأعطال يعود الى ضعف الرقابة والتفتيش الدوري على المنشآت من قبل الجهات ذات العلاقة.

جهات حكومية ومدنية ودورها ما بين الرقابة والتفتيش

وعن المراحل التي تمر فيها عملية بناء المنشاءت أكدت مديرة الوقاية في مديرية الدفاع المدني النقيب المهندسة هيا إبراهيم أن المنشأة تمر بثلاث مراحل ابتداءً من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق وانتهاءً بالمرحلة الأخيرة وهي المتابعة.
وأوضحت أن مرحلة التخطيط تكون من قبل المكاتب الهندسية مروراً بأمانة عمَان الكبرى، ثم تصل إلى الدفاع المدني لإدارة الوقاية من خلاله يتم تصنيف المنشأة إلى سكني أوصناعي أوتجاري أو تعلمي أو طبي وغيره.
وتضيف إبراهيم أن الدفاع المدني معني بالسلامة العامة للمباني ويتم تقييمها بناءً على تصنيف “كودات البناء” ويحول إلى المختص بما يخص الكودات وتقطيعات المبنى ومسارات الدخول والخروج وخاصة مخارج الهروب وبما يخص أيضاً الأنظمة الميكانيكية وأنظمة الإطفاء ويحول إلى قسم الكهرباء ويعنى هذا القسم بنظام الإنذار ومن أجل الحصول على التراخيص يجب أن يستوفي مالك المبنى جميع الشروط وبما يخص السلامة العامة.
أما عن المرحلة الثانية تقول ابراهيم ” المرحلة الثانية هي تطبيق المخطط على أرض الواقع وذلك بعد الموافقات على المخطط وبعد البناء والإنتهاء من الأعمال الإنشائية، حيث تخرج لجنة من الدفاع المدني للكشف على المبنى من أجل الحصول على إذن الأشغال للحصول على تمديدات ماء وكهرباء وغيرها.”
وتشدد ابراهيم أن عمل المديرية في هذه المرحلة مقتصر على الموافقة بمنح أذن الاشغال بعد الكشف على المبنى للتأكد من تطبيق التصميم على المخططات ليتم تنفيذه على ارض الواقع.
أما بخصوص المرحلة الثالثة والمتمثلة في “المتابعة” وهي آخر المراحل التي تقوم بها مديرية الدفاع المدني فيما يخص معايير الجودة لدى المنشآت، وتبين النقيب ابراهيم أن مرحلة المتابعة هي عبارة عن فتح ملف للمنشآت والمباني التي تمت الموافقة عليها من قبل الدفاع المدني ومتابعتها حسب تصنيفها السكني او التجاري او الصناعي.
لافتة إلى أن بعض المنشآت يتم متابعتها ثلاث مرات سنويا للتأكد من سلامة المنشأة والحفاظ على أرواح قاطنيها والممتلكات الموجودة فيها مشيرة إلى وجود حوالي ألف وخمسمئة منشأة في المملكة يتابعها المختصون من مديرية الدفاع المدني، مؤكدة أن دور المديرية هو دور تكاملي مع الجهات المعنية الاخرى مثل أمانة عمان الكبرى ونقابة المهندسين وجهات مختصة اخرى وأن المديرية ليست مختصة بأكثر من هذه المراحل.
وتشير الأرقام والبيانات إلى ارتفاع أعداد حالات الوفيات والإصابات جراء الإنهيارات في المباني من عام “2010” إلى عام “2012” يعود إلى ضعف الرقابة والتفتيش من قبل المختصين، أما في الفترة الواقعة بين عام “2013”ولغاية “2015” فيظهر انخفاض في أعداد الوفيات، إلا أن هذا الأنخفاض لم يدم طويلاً فقد شهد عام “2016” ارتفاعاً واضحاً، ويعزو خبير البناء المهندس عامر البشير الأزدياد في الوفيات في هذا العام إلى الفيضانات التي أغرقت بعض المباني وخاصة طوابق “التسوية” وتسرب المياه إلى الأساسات مما تسبب بالخلل في المبنى وأدى إلى انهيارات، مضيفاً أن هناك أبنية قديمة غير صالحة للسكن مسكونة وأغلب تلك المساكن مخالفة للشروط السلامة العامة، ويوضح الشكل آدناه أعداد الوفيات بين الأعوام “2010-2017” في الأردن.

كما أظهرت بيانات الدفاع المدني أعداد الأنهيارات في المباني في نفس الفترة، حيث شكل العام 2017 أعلى معدل لأنهيار المباني في المملكة في حين كان العام 2010 الأقل، كما هو موضح في الشكل التالي.

مدير شؤون المجلس البناء الوطني الدكتور “جمال قطيشات” قال إن في الاردن منظومة من التشريعات التي تحكم أعمال الاعمار، و أضاف أن تعليمات قانون البناء الوطني الأردني والمواصفات الفنية صارمة، مشيرا إلى أن التعليمات الأردنية وفق أعلى المعايير الدولية التي يتم إعدادها وفق المراجع والخبرات العالمية لافتا إلى أن جامعة الدول العربية تأخذ مجموعة كبيرة من كودات “تعليمات” البناء الاردني كمرجع لها .
أما عن ضبط الجودة ومعايير الأعمار في الأردن أكد قطيشات أن إعمار المباني والمنشآت الحكومية تتم ضمن رقابة جيدة ويتم تنفيذ المخططات الهندسية وفق إشراف جيد، أما فيما يتعلق بمباني القطاع الخاص والإسكانات كمشاريع إعمار فإن نقابة المهندسين الأردنيين تقوم بدورها التدقيق على المخططات الهندسية التي تعد من قبل المكاتب الهندسية وفق كودات البناء الوطني.
وأشار قطيشات إلى أن قانون البناء الوطني ينص على أن الجهات المانحة للترخيص سواءً البلديات أو أمانة عمَان الكبرى والتي تقوم بدورها الرقابي بالتفتيش على هذه المشاريع للتأكد من وجود إشرافٍ هندسي والذي يتم من قبل المكاتب الهندسية، مؤكداً أن اعداد المخططات والإشراف عليها إذا تمت بشكل جيد وفق كودات البناء ستكون المشاكل فيها قليلة جدا.
وشدد قطيشات على أن مشاكل البناء في الأردن ليست كبيرة مثل بعض الدول المجاورة إلا أن الطموح بالأفضل وبشكل تصاعدي ضروري، ويضيف قطيشات “أن بعض المشاكل تتضمن أحيانا من خلال استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات والمعايير وأحيانا أيضا يكون الإشراف الهندسي ليس بالشكل المطلوب وأحيانا يكون تدخل العنصر البشري مثل سكان المبنى سببا في تلك المشاكل كقيامهم بالتعديلات على المبنى وعدم القيام بالصيانة الدورية وأحيانا تسرب المياه والصرف الصحي إلى الأساسات مما يودي إلى تهالك تلك الأساسات وتهبيط في المبنى لكن هذا لا يعني أنه لا توجد مشاكل من قبل الإشراف الهندسي أو مالك المبنى أو الإسكان أومن قبل المقاول واستخدام مواد رديئة كقيامه بتنفيذ غير هندسي.”
وعن دور مجلس البناء الوطني أكد قطيشات أن المجلس يتعامل مع هذه المشاكل من خلال الشكاوى المقدمة إليه إذ يتم تشكيل لجان للكشف على المكان المقدم به الشكوى والكشف على هذه المشاكل ووضع التوصيات وإلزام صاحب المبنى أو المقاول أو صاحب الإسكان بالتصويب خلال مدة محددة من خلال الحكام الاداريين والجهات المانحة للتراخيص.
من جانبه قال مدير الجودة في الجمعية العلمية الملكية الدكتور منير قاقيش إن أهم أسباب الإنهيارات والتصدعات في المباني هي عمليات الحفر التي تقع بجانب المنشأة إضافة إلى تسريب المياه إلى التربة من خلال الحفر الامتصاصية حيث تتشبع التربة بالماء الأمر الذي يودي إلى تخلخل التربة وانزلاقها إضافة إلى الحفر الجائر وعدم دعم جوانب الحفر وقلة الإشراف الهندسي الدقيق أو المتابعة الهندسية للمشروع وزيادة الأحمال على المبنى أو البناء غير المرخص والبناء القديم جدا وتآكل الخرسانة والحديد .
ويجد “قاقيش” أن الحلول لمثل هذه المشكلات يجب أن تكون أثناء الحفر من خلال دراسة دقيقة من مختبرات فحص التربة بحيث أن يوجه صاحب العلاقة بالطريقة الصحيحة إضافة إلى الدعم الحجري بين المنشأة والأخرى إذ يعمل هذا الدعم لحماية المنشأة والمنشآت المجاورة وهذا الأمر يجب ان يكون بتوجيه كامل قبل عملية فحص التربة للمشروع .
نقابة المهندسين الأردنيين وبعد سؤالها عن دورها في عملية المراقبة والبناء وبعد التواصل معهم أكثر من مره بهذا الخصوص تم تحويلنا الى المهندسة “سهير عبدالهادي” للتحدث عن هذا الموضوع حيث أكدت أن معايير جودة الإنشاءات في الأردن عالية جدا إلا أنها تفتقد للضوابط بشكل كبير، لافتة إلى أن نقابة المهندسين تحاول إيجاد ضوابط لتلك المعايير .
وبخصوص الإشراف على المنشآت أشارت عبد الهادي إلى وجود اشراف جزئي فقط منوهة إلى ضرورة أن يكون الإشراف على المبنى بشكل كامل لأن الخلل الذي يمكن حدوثه للمنشأة ليس بالضرورة أن يكون في هيكله الخارجي فحسب بل يمكن أن يحصل الخلل في أي جزء من أجزاء المنشأة .
وأضافت أن الاشراف من قبل المهندسين على المبنى عادة ما يكون إشراف شكلي وذلك من خلال قيام المهندس بزيارة المنشأة أثناء عمل الخرسانة “الصبه” لمرة أو مرتين في الأسبوع ومن ثم مغادرة الموقع لمكان آخر وهذا الشيء قد يضر في المنشأة لعدم وجود المهندس المشرف المختص .
وقالت عبد الهادي “أصبحت هناك لجان رقابية من قبل النقابة للإشراف على المواقع الانشائية كافة واذا تبين بأن المهندس المشرف غير متواجد في الموقع يتم أخذ الإجراء المناسب بحقه وتوجيه إنذار له ويقد يصل الأمر الى التوقيف عن العمل في المشروع بسبب تغيب المهندس المشرف عن موقع العمل.
وأكدت المهندسة سهير ان النقابة وجدت بأن معايير الجودة لا تطبق بشكل كافٍ لافتا إلى أن النقابة اتخذت قرارا بأن أي مشروع يزيد عن 800 متر يجب أن تكون فيه فحوصات كاملة لضبط معايير الجودة والمواد الداخلة فيه .
وفي الجانب الأخر حمل العضو المستقل والمعارض في نقابة المهندسين المهندس “عمر فطاير” النقابة العبئ الأكبر في المراقبة على الأبنية، واضاف فيما يتعلق بضبط جودة البناء في الأردن أن الامر متعلق بما يعرف لدى المهندسين بكودات البناء الوطني وتعليمات أمانة عمَان الكبرى لافتا إلى أن كل ما يتعلق بالبناء أو الكود الهندسي المعمول جزء تطور منها وجزء آخر أخذ من الكودات والمواصفات الانجليزية والاميريكية .
وبين فطاير أن أهم ما يواجه قطاع الانشاءات في عمَان هو الهيكل الخارجي بالدرجة الأولى باعتبار أن الحجر المستخدم في البناء ليس من مصدر واحد أو من طبقة واحدة من ناحية مواصفات القساوة أو اللون أو امتصاصه للماء.
وأشار إلى أن كل مادة من مواد الانشاءات لها مواصفات خاصة وتوضع للالتزام فالحجر على سبيل المثال له ثلاثة مواصفات وهي الصلابة وتجانس اللون وامتصاصه للماء وأن 99% من المشاكل التي تواجه قطاع الاسكان هي مشاكل “الرطوبة”.
ووضح فطاير أن أسباب التصدعات والتشققات تعود إلى عدة عوامل كعمق التأسيس أو ما يعرف بهبوط المنشأه وقد يكون الهبوط ابتدائي أو على المدى البعيد والمقصود بالهبوط وهو حمل المبنى على التربة أما العامل الثاني ظهور التصدعات على الأبنية فهو متعلق بنوعية المواد المستخدمة في البناء .
وأشار فطاير إلى ضرورة قيام الجمعية الملكة العلمية تقوم بفحص جميع المواد التي تدخل إلى الأردن لضمان صلاحيتها للاستخدام حسب الكودات ومواصفات البناء .
ويجد المهندس فطاير أن أسباب تزايد مشاكل البناء تعود إلى نوعية المواد المستخدمة وقلة الاشراف الهندسي على المنشآت إضافة إلى وجود مقاولين غير محترفين وابتعاد أصحاب المنشآت عن شركات البناء المحترفة لبحثهم عن كلف بناء أقل.
دور الأمانة ما بين الأدارة والتخطيط ولرقابة
من جهته قال مدير الرقابة والأعمار في أمانة عمَان الكبرى رائد حدادين إن أسباب الانهيارات والمشاكل الإنشائية التي تحصل في حدود أمانة عمَان الكبرى يعود جزء منها إلى عدم التقيد بكودات البناء الوطني وعدم التقيد بالتعليمات الهندسية والكتاب الأخضر لوزارة الاشغال.
مؤكدا أن أمانة عمَان ليست معنية في الأمور الفنية وإنما معنية في الأمور التنظيمية والإدارية للعمل والتشييك على أجهزة الإشراف التي يعينها المالك أو يتعاقد معها لانجاز أعمال المنشأة.
ولفت حدادين إلى أن امانة عمان الكبرى تسعى أن تكون جودة المنشأة ومخرجات الجودة جيدة جدا تتناسب مع الثورة العمرانية وجمالية مدينة عمان، مشيرا إلى أن طبيعة تضاريس العاصمة الجبلية وقطع الاراضي فيها المترابطة مع بعضها بعضاً هي التي تحتم على فروقات الحفر.
وأكد حدادين أن أمانة عمَان لا تقوم باعطاء أي تصريح لأي عمل داخل حدود أمانة عمَان من دون وجود مقاول ومكتب هندسي مرخصين.
وشدد حدادين على وجود قانون بناء وطني واضح وقانون مدني أردني واضح أيضا يحتم على المقاول والمكتب الهندسي المصمم والمشرف أن يكونوا متكافلين ومتضامنين امام القانون وكذلك الضمانة العشرية التي تحفظ حقوق المواطنين في المستقبل وأن الأمانة اصدرت نظام ابنية جديد للحد من المخالفات والتجاوزات والحفاظ على جمالية المدينة.

وتشير الأرقام والبيانات الصادرة عن أمانة عمان الكبرى وارتفاع مخالفات الأبنية خلال عام 2014-2017 وتزايد تلك المخالفات في منطقة تلاع العلي يعود السبب إلى الكثافة السكانية والزيادة البناء خاصة “الروف وطابق التسوية” بعد الحصول على التراخيص المراد.
أما المخالفات في منطقة خريبة السوق خريبة السوق السبب يعود إلى ضعف الرقابة من الجهات ذات العلاقة المختصة في التفتيش على الورش والمباني حسب ما أفاد به مدير التخطيط والتطوير في أمانة عمَان الكبرى المهندس مهند الجديد.

المصدر: أمانة عمان الكبرى
ومن الناحية القانوينة أكدت المحامية “رقية الدلاهمة” المختصة في قضايا معايير الجودة في المحاكم الأردنية، أن الأصل في عملية البيع والشراء للمنشأة أن يكون المشتري على دراية بعيوب او سلامة المنشأة التي تقع عليها المشكلة.
وقالت ” في حال وجود عيوب في المنشأة المباعة فإن المشرَع الأردني منح المشتري الحق في الرجوع على البائع خلال مدة ستة أشهر من تاريخ شراءه لهذا الشقة خصوصا إذا ما توفرت بالمنشأة عيوب خفية كتلك التي لا يستطيع الرجل العادي ملاحظتها أو رؤيتها بالعين المجردة، وأضافت ” أما الحالة الأخرى هي أن يكون المقاول ومهندس مشروع البناء هما المسؤولين بالتكافل والتضامن أمام القانون تجاه المشتري خلال مدة عشر سنوات وهي مدة التقادم في حال حصول تهدم كلي او جزئي في البناء.”

 

تغيرات في جيولوجيا الأردن
من جهة أخرى قال نقيب الجيولوجيين الأردنيين صخر النسور إن الآونة الآخيرة برزت ظاهرة الانهيارات والإنزلاقات وبدأت هذه الظاهرة في التزايد، وأرجع النسور أسباب هذه الظاهرة إلى طبيعة الأرض المبني عليها المنشأة لافتا إلى أن هذه الطبيعة أما أن تكون في مستوى ميلان مرتفع أو تصدعات وطيات جيولوجية أو نوعية التربة التي وجدت عليها تلك المنشأة فضلا عن وجود بعض المياه في الطبقات الموجودة تحت البناء إذ من الممكن أن يؤثر وجود المياه ووجود الكهوف والمغر التي تنتشر في أنحاء المملكة على وبالتالي مردها الى طبيعة الأرض التي أقيمت عليها المنشأة.
وأكد النسور أن كل التراكيب الجيولوجية من صدوع وطيات لها عوامل وجود مياه وحركات زلزالية ووجود التربة الطينية أسفل البناء هي عوامل رئيسية لانها سبب من أسباب تجميع المياه وحدوث الإنزلاقات ومعدل الميلان للطبقات الصخرية الحاملة للمنشآت.
وزاد “يرافق العوامل الجيولوجية مخالفات في البناء كالبناء غير المرخص وعدم الإلتزام بكودات البناء الأردني من حيث عدد الطوابق والتسليح وما يتبعه.
وأضاف ” ظهر أخيرا التجاوزات في فحوصات التربة قبل البناء للأسف بعض المكاتب تلجأ إلى الاختصار وتوفير الأموال ولا يقومون بالعمل اللازم لفحص التربة قبل البناء وهذا ضار جدا لأن هذا الفحص يحدد طبيعة البناء وماهية طبيعة الأرض المنوي إقامة المنشأة عليها.
وأكد النسور أن الجهة التي تتحمل المسؤولية في حال الأنهيار أو التشقق أو الإنزلاق وسوءً الجودة وغيرها من المشاكل الإنشائية هي الجهة المخالفة صاحبة المنشأة ثم الجهة الرقابية على آداء هذا العمل والمسؤولية مشتركة لافتا إلى ضرورة تفعيل الدراسات الجيولوجية قبل عمل أي منشأة.
وأبدا النسور عن استعداد نقابة جيولوجيين في المساهمة بالرقابة على هذه النوعية من الدراسات كمضلة لثبوت الخبرة الموجودة لدى الجيولوجيين الأردنيين الذين لديهم باع طويل في هذا المجال.
وشدد النسور على ضرورة عمل الدراسات الجيولوجية اللازمة قبل بناء أي منشأة وإلتزام المصرح له في البناء في التعليمات وفي المخططات المرسومة حتى تطبق على أرض الواقع إضافة إلى تفعيل الدور الرقابي للجهات المختصة ومخالفة المعتدين أو المخالفين لأن المتضرر الرئيس هو المواطن والمجتمع الذي يعيش فيه .
وبين النسور أن نقابة الجيولوجيين خاطبت الحكومة لغايات إشراك النقابة في الرقابة على الدراسات الجيولوجية والمكاتب التي تقوم بعمل هذه الدراسات لافتا إلى أن استجابة الحكومة كانت ضعيفة خصوصا من الجهات ذات العلاقة .
وأضاف النسور ” مقترحنا للحكومة تأسيس مديرية جيولوجيا في أمانة عمان الكبرى وفي وزارة الاشغال العامة وفي بلديات المملكة فعند قيام النقابة بعمل دراسة مسحية وتحديد البؤر الساخنة فمن الممكن أن تكون كلفة العلاج أقل بكثير سواءً كانت بشرية أو مادية بعد وقوع الإنزلاق أو الإنهيار لا قدرالله”
وتابع ” ما نسعى إليه اليوم هو عمل خارطة على مستوى المملكة لتحديد البؤر الساخنة القابلة للانزلاق تحت ظروف معينة كالأمطار أو ظروف الزلازل أو أي ظرف كان وهي من الحلول الرئيسية وتحديد كل النقاط الساخنة عليها .
لم تعد مشكلة المنشأة بالذات المعدة للسكن مشكلة فردية في ظل تنامي هذا القطاع بالفترة الأخيرة جرى اللجوء السوري ومن قبلة العراقي مما استوجب سرعة في البناء دون مراعاة للسلامة العامة وكودات البناء، ويعتبر غياب جهة محددة مختصة بهذا الشأن من ابرز الأسباب التي ادت الى تنامي هذه المشكلة.

الدفاع المدني يستعين بالكلاب المدربة للوصول إلى الضحايا والمصابين والمحاصرين تحت الأنقاض تصوير (عبدالله الخصيلات)

الأمن يمنع الجماهير من الوصول إلى المبنى خوفاً من إنهيارات مفاجأة تصوير (عبدالله الخصيلات)
رجال الدفاع المدني ينقضون ببغاء من تحت الركام تصوير (عبدالله الخصيلات)
أهالي المبنى المنكوب والدفاع المدني يحاولون إنقاض المحاصرين تصوير (عبدالله الخصيلات)

الدفاع المدني ينتشل الضحايا من تحت الأنقاض تصوير (عبدالله الخصيلات)

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *