ذوو الإعاقة البصرية في التعلم

Posted by
داخل حرم الأكاديمية الملكية للمكفوفين – طبربور

إعداد ريحان حتّر – معهد الإعلام الأردني

خلال فترة أزمة كورونا مرت البلاد في ظروف استثنائية اضطرت من خلالها الحكومة اتخاذ قرارات متعددة للحد من انتشار الوباء، كان من ضمنها قرارات تتعلق في طبيعة عمل المؤسسات التعليمية كافة.

حيث قررت الحكومة تعليق المدارس والجامعات وباقي المؤسسات التعليمية على مراحل مختلفة، كان أولها في الـ14 من آذار الماضي ولمدة أسبوعين، وبعدها تم اتخاذ قرار تمديد تعليق الدوام في الـ29 من الشهر نفسه، حتى تم اتخاذ القرار الأخير المتضمن تعليق الدوام حتى نهاية شهر رمضان من عام 2020.

وبناءً على ذلك باشرت وزارة التربية والتعليم بتنفيذ خطة “التعلم عن بُعد” من خلال موقعها الإلكتروني وقنوات التلفزة الوطنية.

وعلى الرغم من أن خطة الوزارة في التعلم عن بُعد لم تأخذ بعين الاعتبار دمج الطلبة ذوي الإعاقة من خلال منصة “درسك” المقدمة من قبل وزارة التربية والتعليم لطلبة المدارس بحسب المجلس الأعلى لذوي الإعاقة، إلّا أن طلبة ذوو إعاقة بصرية لم يشعروا بسلبيات نظام التعلم عن بُعد؛ بفضل مساعدة ذويهم ومعلميهم لتجاوز أي عقبات قد تعرقل مسيرتهم التعليمية.

حيث يؤكد أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة أن نظام التعلم عن بُعد شكّل عائقة كبيرة لذوي الإعاقة؛ لأن منصات وزارة التربية والتعليم لم تضع خططاً لتدريس الطلبة المكفوفين عبر تسجيل مقاطع صوتية لهم.

ويضيف العزة أنه تم متابعة طرق تدريس الطلبة ذوي الإعاقة البصرية عبر وضع خطط لاستمرار العملية التعليمية، حيث أشارت مساعدته في الشؤون الفنية الدكتورة غدير الحارس أن الأكاديمية الملكية للمكفوفين باشرت منذ اللحظة الأولى لبدء نظام التعليم عن بُعد بوضع خطط بديلة لتقديم أنماط مختلفة عبر استخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لإتاحة الدروس للطلبة.

الأكاديمية الملكية للمكفوفين تعتبر الوحيدة في الأردن المعنية بالطلبة ذوي الإعاقة البصرية الشاملة لضعاف البصر وكف البصر وفقدان البصر التام، وتأسست بمبادرة ملكية لتدريس هذه الفئة من الطلاب من الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة.

وبالتركيز على مرحلة التوجيهي، أكثر المراحل التدريسية حساسية، يقول طالب كفيف في الأكاديمية يُدعى يوسف خطاب إنه لم يواجه أية مشاكل خلال عملية التعليم عن بُعد، بل اعتبرها نمطاً إيجابياً وجديداً، رغم وجود معارضة لنمط التعليم عن بُعد من قبل طلبة عدة.

ويرى خطاب أن هناك مستويات مختلفة للطلبة المكفوفين، خاصة في ما يتعلق بطريقة التعامل معهم داخل المدرسة، وأُثبت ذلك خلال فترة التعلم عن بُعد في طريقة التعامل مع الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، إذ إن نمط الامتحانات المدرسية أو الوزارية التجريبية كان إلكترونياً وهذا أعطى صيغة إيجابية، حسب رأيه.

زميله ورفيقه في الصف الطالب جواد جابر يصف فترة التعلم عن بُعد بـ”الإيجابية”، خصوصاً وأنه كان باستطاعته سماع التسجيلات الصوتية المرسلة من قبل الأساتذة لأكثر من مرة، كما أنه استفاد من الدروس المقدمة على قناة الأردن الرياضية، حسبما يقول جابر.

الطالبة سارة البكيرات وهي طالبة تعاني من عمى ألوان وضعف نظر خفيف تؤكد أن فترة التعلم عن بُعد كانت إيجابية خصوصاً وأن المعلمين والمعلمات كانوا لم ينقطعوا عن متابعة طلبة الأكاديمية، خاصة في مواد التخصص، لما تحتاجه من شرح إضافي عبر مكالمات جماعية يتم الترتيب لها مسبقاً في موعد يناسب الطلبة والمعلمين.

آراء الأساتذة المختصين بتدريس الطلبة ذوي الإعاقة البصرية لم تكن بعيدة عن آراء طلبتهم، حيث يقول مدرس اللغة الإنجليزية في الأكاديمية الملكية للمكفوفين عمر عربيات إنه لا خلاف حول وجود محتوى المادة أو في صعوبة حصول الطلبة عليه، ولكن ما يميز فترة التعلم عن بُعد يكمُن بإمكانية الطلبة للعودة للدروس المسجلة لديهم وللتسجيلات الصوتية المرسلة عبر تطبيق “واتساب”، خاصةً وأن معظم المواد التدريسية لذوي الإعاقة البصرية لا تتضمن رسومات أو مواد علمية كمواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وإنما يتم التركيز على المواد أدبية.

أستاذ المواد الأدبية والاجتماعيات في الأكاديمية الملكية للمكفوفين محمد رياشات له رأي مختلف نوعاً ما، بقوله إن المعضلة الأساسية في التعليم عن بُعد كانت تتمحور حول آلية اختيار التطبيق أو البرنامج المناسب للتواصل مع الطلبة، خصوصاً وأن هناك طلبة لا يمتلكون أجهزة ذكية أو أنهم غير متصلين عبر الإنترنت، ولهذا السبب يؤكد الأستاذ رياشات أنه شرح الدروس للطلبة عبر تسجيلات صوتية يرسلها لطلبة أو ذويهم لم يكن باستطاعتهم التواصل عبر الإنترنت بشكل دائم، لإتاحة الفرصة لهم الاستماع للدروس في أي وقت يرونه مناسباً.

بدوره، يرجح مدير الأكاديمية الملكية للمكفوفين الأستاذ محمد عبيدات أن نجاح نظام التعلم عن بُعد في الأكاديمية يعتبر مؤشراً لاستمرار التواصل بين المعلمين والطلبة وذويهم عن طريق استخدام جميع أنماط وسائل التواصل الاجتماعي، وإتاحة الخيار للطلبة وذويهم في اختيار الطريقة الأسهل للتواصل لاستمرار العملية الدراسية.

زهراء.. طموح مبصرٌ بالأمل

طالبة في الصف الثامن تدرس في الأكاديمية الملكية الأردنية للمكفوفين تدعى زهراء أبو دلو، تمارس حياتها بشكل شبه اعتيادي.

تقول زهراء إن قراءة بريل تحتاج لممارسة فهي عبارة عن أسلاك متشابكة في العقل، وتطمح بأن تدرس علوم اللغويات في ألمانيا، فهي تتحدث بلغات أجنبية بطلاقة كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية وتدرس الألمانية حالياً.

“ليس من السهل استخدام الموبايل أثناء الدراسة” تقول زهراء، وتعتبر أن التسجيلات الصوتية تسهل عملية الدراسة، ولكن هذا لا يغني عن الحاجة الملحة للكتب.

تقرير شخصي للطالبة الكفيفة زهراء أبو دلو

“أكاديمية المكفوفين”.. تعليمٌ ينير العتمة

كانت الأكاديمية ولا تزال معنية بخدمة المكفوفين في الشؤون التعليمية والإيوائية، إذ إنها وقبل أن تأتي المبادرة الملكية السامية بتأسيسها في عام 2011، كانت تسمى بمدرسة “عبد الله ابن أم مكتوم”، المبنية منذ عام عام 1969 المعنية بإيواء وتعليم المكفوفين.

تتكفل الأكاديمية اليوم بتقديم خدمات تعليمية متنوعة لـ300 طالب وطالبة في جميع الصفوف الدراسية، حيث تقدم المكرمة أقساط الطلبة السنوية إضافة إلى تأمين تنقل الطلبة من خلال حركة 24 باصاً يتنقل في مناطق كل من عمان والزرقاء ومادبا والسلط، فضلا عن أن الأكاديمية تقدم خدمة النظام الداخلي لـ35 طالباً وطالبة  شريطة أن يكونوا من الصف السادس وأقل ويقطنون في محافظات غير مشمولة في نظام المواصلات.

توزيع 297 طالباً وطالبة في الأكاديمية الملكية للمكفوفين حسب الصفوف

الأكاديمية مبنية على 9 آلاف متر وبثلاثة طوابق، تتضمن 32 غرفة صفية إضافة إلى 12 قسماً مسانداً، من بينها أقسام متخصصة في بناء شخصية الطلبة وتدريبهم على استغلال باقي حواسهم في سياق اعتمادهم على أنفسهم في القدرة على الحركة والتنقل داخل وخارج الأكاديمية.

كما تحتوي الأكاديمية على أقسام ترفيهية متنوعة كالمكتبة وقسم للموسيقى ومختبر للكمبيوتر مزود ببرامج ناطقة لخدمة الكفيف، ويشرف على هذه الأقسام متخصصون يتم تدريبهم وتأهيلهم داخل الأكاديمية بعد حصولهم على دبلوم “بصريات” من الجامعة الألمانية.

صورة بين أقسام الأكاديمية الملكية للمكفوفين – طبربور

مسؤول العلاقات العامة الأستاذ أحمد قوقزة يقول إن الكلفة التشغيلية للأكاديمية تصل إلى حوالي 2 مليون دينار سنوياً، تقسم هذه الأموال ما بين أقساط الطلبة وتكاليف المواصلات إلى جانب رواتب حوالي 164 موظفاً يعمل في الأكاديمية موزعين ما بين معلمين وإداريين وغيرهم من المتخصصين في مجال التربية الخاصة.

كما تؤمن الأكاديمية الكتب والمناهج للطلبة بنظام “بريل” وهو نظام كتابة يمكّن المكفوفين من القراءة بجعل الحروف رموزاً بارزة على الورق تسمح بالقراءة عن طريق حاسة اللمس.

وبحسب قوقزة فإنه يتم تقسيم المادة إلى ثلاثة مجلدات، تكلفة المجلد الواحد تصل إلى 15 ديناراً، إضافة إلى طباعة كتب لا منهجية تتمثل بالقصص الموجودة في قسم المكتبة.

وتتكفل الأكاديمية بطباعة الكتب لجميع الطلبة المكفوفين حول المملكة، إذ بلغ عدد الطلبة الراغبين بالحصول على المناهج الدراسية بنظام “بريل” حوالي 200 طالب خلال العام الدراسي 2019 – 2020.

حق ذوي الإعاقة في التعلم

لم يغفل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 هذه الفئة من حقها في التعليم، حيث تم وضع مجموعة من الالتزامات على الدولة، تنسجم في مضمونها مع المعايير الدولية الناظمة لحقوق ذوي الإعاقة في التعليم.

كما أكد القانون على مبدأ حقهم في التعليم في المادتين (18/أ) و(21/أ) منه من خلال ضرورة التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في سياق تضمين الاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية بما يحقق تمتع ذوي الإعاقة الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية.

واشترط القانون لممارسة التشخيص التربوي وتدريس الأشخاص ذوي الإعاقة بأساليب التربية الخاصة ضرورة اجتياز متطلبات تدريب يضعها المجلس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والحصول على شهادة معتمدة.

وعلى هذا الأساس، بينت النسب المئوية واقع الحالة التعليمية عن الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، وذلك استناداً إلى بيانات التعداد العام للسكان والمساكن الصادر عن الإحصاءات العامة في عام 2015.

وأظهرت الأرقام أن نسبة الأردنيين من ذوي الإعاقة (5 سنوات فأكثر) من الملتحقين بالمؤسسات التعليمية وصلت إلى 5.4%، و12.3% منهم سبق لهم الالتحاق، و29.1% من ذوي الإعاقة لم يسبق له الالتحاق بأية مؤسسة تعليمية.

ذوو الإعاقة (5 سنوات فأكثر) – حالة الالتحاق بالتعليم

خطة وزارة التربية والتعليم “العشرية”

بالاستناد إلى نص المادة (18/هـ) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المتضمن وضع خطط لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات التعليمية بالتنسيق مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أطلقت الوزارة بالتنسيق والتعاون مع المجلس في كانون الثاني من عام 2020 “الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج 2019 – 2029”.

حيث تهدف الاستراتيجية في إطارها العام إلى أن تصل نسبة الأطفال من ذوي الإعاقة في سن التعليم الملتحقين بالمدارس النظامية إلى 10% من مجموعهم الكامل بحلول عام 2031، وإلى توفير متطلبات التعليم الدامج بما يحقق تمتعهم الكامل في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى حصولهم على تعليم نوعي في بيئة تعليمية تتقبل الاختلافات والتنوع وتوفر بيئة تعليمية وتدريسية داعمة لجميع الطلبة.

وبحسب الاستراتيجية، إن الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في عام 2015 تشير إلى أن حوالي 79% من إجمالي عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في سن المدرسة لا يتلقون أي شكل من أشكال التعليم.

في حين كشفت إحصائيات وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي 2018 – 2019 أن نسبة الطلبة ذوي الإعاقة المقدمة لهم خدمات الوزارة بلغت 1.56% من إجمالي عدد طلبة المدارس النظامية.

وعلى الرغم من الفجوة بين نسبة ما تطمح له الاستراتيجية العشرية والواقع، تعتقد رئيسة قسم الإعاقات في وزارة التربية والتعليم الدكتورة علياء جرادات أن وضع الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس ليس بعيداً أو قريباً عن تصور وطموح الوزارة في العشر سنوات المقبلة.

كما تؤكد جرادات ضرورة التركيز على أية عقبات قد تؤثر على مسار الوصول إلى هدف الوزارة، كتذبذب نسب مدخلات ومخرجات الطلبة سنوياً، والأخذ بعين الاعتبار الحالات الفردية والخاصة، وتسرب الطلبة ذوي الإعاقة من المدارس لأسباب اجتماعية مرتبطة بذويهم.

ولتحقيق هدف زيادة التحاق الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس تسعى الوزارة لتهيئة مدارس في المملكة كافة، على أساس مراعاة البنية التحتية وتوفير كوادر تعليمية مهيئة ومدربة للتعامل الطلبة ذوي الإعاقة بجميع أنواعها، حسبما تقول الدكتورة جرادات.

من جانبه يقول مدير مديرية التعليم في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إبراهيم الزبون إن العمل جار بالتنسيق مع الوزارة على إعداد خطة تنفيذية لمدة 3 سنوات لتطبيق بنود الاستراتيجية العشرية ويضيف أنه يتم التباحث على اختيار 3 من مديريات التربية والتعليم في أقاليم المملكة الثلاثة، لتهيئة مدارس مركزية في كل إقليم أو محافظة تكون مستعدة بشكل كامل الطلبة ذوي الإعاقة على اختلاف أنواعها.

ذوو الإعاقة في الأردن

وضعت دائرة الإحصاءات العامة ذوي الإعاقة في قائمة وزعتهم بين من يعانون من صعوبة واحدة أو أكثر.

حيث بلغ عدد ذوي الإعاقة بحسب إحصاءات عام 2015 أكثر من 911 ألف شخص ممن هم 5 سنوات فأكثر، كانت النسبة الأكبر لمن يعانون من صعوبة واحدة بحوالي 63% من إجمالي عدد ذوي الإعاقة، فيما وصلت نسبة من يعانون من إصابتين حوالي 15%، و20% تقريباً من يعانون من ثلاث صعوبات أي نحو 185 ألف شخص حول الأردن.

نسبة ذوي الإعاقة (5 سنوات فأكثر) حسب عدد الصعوبات

في الأردن يتم تصنيف الإعاقات إلى 6 أنواع (الرؤيا والسمع والمشي أو صعود الدرج والتذكر أو التركيز والعناية الشخصية والتواصل مع الآخرين)، حيث وصل مجموع الإعاقات المنتشرة في الأردن إلى حوالي 1.65 مليون إعاقة يعاني منها أكثر من 911 ألف شخص.

وبيّنت الأرقام أن الإعاقة البصرية هي النسبة الأكثر انتشاراً بين ذوي الإعاقة بوصولها نحو 29%، في حين بلغ صعوبة التواصل مع الآخرين أقل من 9% من مجموع الإعاقات المصنفة.

أنواع الإعاقة – عدد من يعانون منها – نسبتهم من المجموع الكلي لعدد الإصابات

الإعاقة البصرية وصل عدد من يواجهون هذا النوع من الصعوبة إلى نحو 480 ألف شخص موزعين في 12 محافظة، وبنسبة تصل إلى نحو 6% من إجمالي عدد السكان لمن هم 5 سنوات فأكثر.

تحتضن العاصمة عمّان أكثر من 42% من إجمالي عدد المصابين بالإعاقة البصرية أي ما يزيد عن 202 ألف شخص، فيما يوجد في محافظة مأدبا أقل من 2% من إجمالي عدد المصابين بإعاقة بصرية وعددهم لا يتجاوز 8 آلاف شخص.

توزيع ذوي الإعاقة البصرية في الأردن

وزارة التنمية الاجتماعية تقول إنها تتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالاستناد إلى المادة (27/ج) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بوضع خطة شاملة تتضمن حلولاً وبدائل مرحلية ودائمة لدور الإيواء الحكومية والخاصة.

مدير مديرية شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في وزارة التنمية الاجتماعية خليفة الشريدة يقول إن المديرية معنية برعاية وتدريب وتأهيل ذوي الإعاقة بهدف دمجهم في المجتمع والعمل على تمكين القادرين منهم للوصول إلى مرحلة من الاعتماد على النفس وليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع.

وتؤكد المديرية إشرافها على مراكز ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعات العامة والخاصة والتطوعية إضافة إلى متابعة إجراءات ترخيصها وتقييم أدائها بشكل دوري.

الأرقام الصادرة عن الوزارة تبيّن أن عدد المنتفعين من ذوي الإعاقة المنضوين في مراكز مختصة بإعالتهم حوالي 6 آلاف منتفع توزعوا على 204 مراكز حكومية وخاصة وتطوعية يعمل فيها حوالي أكثر من 4 آلاف عامل.

المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية وعدد العاملين فيها والمنتفعين منها

ذوو الإعاقة في الجامعات

تفتقر وزارة التعليم العالي لوجود قسم مختص بشؤون ذوي الإعاقة كما هو وجود في وزارة التربية والتعليم، ويقول الناطق باسم الوزارة مهند الخطيب إن شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة هي مسؤولية الجامعات بوجود أقسام متخصصة بذلك في عمادات شؤون الطلبة.

في العام الدراسي 2018 – 2019 وصل عدد الطلبة ذوي الإعاقة في 9 جامعات رسمية حكومية إلى 837 طالباً وطالبة، تحتضن جامعتا الأردنية واليرموك الجزء الأكبر منهم بـ503 طلاب.

عدد الطلبة ذوي الإعاقة في الجامعات الرسمية – نسبتهم من مجموعهم

قسم الأشخاص ذوي الإعاقة في الجامعة الأردنية يقول إن سبب إقبال هؤلاء الأشخاص للتسجيل في الجامعة يأتي بسبب التسهيلات المنظمة والمقدمة لهم في الجامعة.

وتؤكد مديرة قسم المكفوفين في الجامعة غادة حمد إن دائرة الإرشاد الطلابي -تأسست في 2002- تُقدم خدمات متخصصة ومميزة للطلبة ذوي الإعاقة في الجامعة الأردنية تختلف عن الجامعات الأخرى، تتضمن نخبة من المتخصصين في ميدان التربية الخاصة وعلم النفس.

وتؤكد حمد أن الدائرة لها نشاطات عدة تسهم في مساعدة طلبة الجامعة في الوصول لأعلى درجات التكيف مع المرحلة الجامعية.

 من جانبه يقول سامي ذيابات رئيس قسم الإعاقة في جامعة اليرموك إن احتضان الجامعة لعدد كبير من ذوي الإعاقة بالمقارنة مع باقي الجامعات يعود إلى طبيعة التخصصات المتوفرة، إذ إنها تتضمن تخصصات كالعلوم الإنسانية تعتبر خياراً أفضل لذوي الإعاقة بشكل عام والمكفوفين بشكل خاص بدلاً من التخصصات العلمية والتقنية.

على الرغم من ذلك، كان طلبة مكفوفون ولا يزالوا يعانون من مشاكل ومعيقات تقف أمام مسيرتهم التعليمية في الجامعات.

حيث يوجد في الجامعة الأردنية أكثر من 200 طالب ذي إعاقة بصرية، وحوالي ثمانين طالب آخر في جامعة اليرموك.

عدد الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات (الأردنية – الهاشمية – مؤتة – اليرموك)

يروي طلبة عدة في الجامعتين المشاكل نفسها تقريباً، إذ إنها تتمثل بضرورة تحويل الكتب من صيغة الـPDF إلى الـWORD لتسهيل قرائتها من قبل برنامج “الناطق” المزودة به أجهزة الكمبيوتر.

قسم المكفوفين في الجامعة الأردنية يؤكد استمرار تقديم التسجيل الصوتي للمواد الأكاديمية وطباعتها بلغة “بريل” وتقديمها للطلاب ذوي الإعاقة البصرية.

أما في جامعة اليرموك نفى قسم ذوي الإعاقة وجود خطط لتسجيل المناهج صوتياً، إذ إن الجامعة لا تزال تعتمد على توفير المناهج بلغة “بريل”.

من جانب آخر وفيما يتعلق تطوع طلاب لمساعدة المكفوفين في تقديم امتحاناتهم، فإن ذلك يتطلب مزيداً من الوقت للطلبة المكفوفين بسبب دائرة التواصل بينه وبين المتطوع المتضمنة قراءة السؤال وإجابة الكفيف عليه، تلتزم الجامعة الأردنية بإرسال تعاميم لأعضاء الهيئة الأكاديمية في بداية كل فصل دراسي، يضمن إتاحة وقت إضافي، كذلك الأمر في جامعة اليرموك فقد تم إيعاز أعضاء الهيئات التدريسية بإعطاء الطلبة المكفوفين مزيداً من الوقت خلال الامتحانات.

وفيما يتعلق بالبنى التحتية في الجامعة الأردنية، يشكوا طلبة مكفوفين فيها من صعوبة التنقل من مبنى إلى آخر، وعدم بروز لغة بريل على أزرار المصاعد أو أبواب القاعات الدراسية، في المقابل تقول مديرة قسم المكفوفين في الجامعة غادة حمد إنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى من إنشاء الطريق الآمن المخصص للطلبة ذوي الإعاقة البصرية، إذ إنه محدد بمسار طوله 1400م ومكون من مجموعة بلاطات مصممة هندسياً بشكل طولي وبارز يدل ضوي الإعاقة على السير بخط مستقيم من مبنى إلى آخر.

من جانبه يؤكد قسم ذوي الإعاقة في جامعة اليرموك محاولاته المستمرة لتوفير بيئة تنقل وتعايش مناسبة لذوي الإعاقة البصرية بيئة تنقل. ويقول رئيس القسم سامي ذيابات إن دور القسم استشاري وليس تنفيذي، كذلك الأمر بكل ما يتعلق بمداخل المباني والقاعات وتخصيص شواخص دالة للمكفوفين بلغة “بريل”.

مبادرات تساند المكفوفين

صعوبات عدة يعاني منها المكفوفون في مختلف المراحل الدراسية، هو واقعُ حال لم تغفل عنه مبادرات تهدف إلى مساعدتهم، عبر تأمين موادهم الدراسية والأكاديمية بشكل ميّسر من خلال تقديم تسجيلات صوتية يقوم بتسجيلها متطوعون.

وكخطوة لإلغاء أي حواجز تواجه العملية التعليمية لذوي الإعاقة البصرية، خرجت مبادرة Voicrill في الجامعة الأردنية قبل ثلاث سنوات بجهود الطالبة هبة العبادي، إذ إنها كانت تتطوع لمساعدة طالبة كفيفة في قراءة وتسجيل موادها، إلى أن دعت لمبادرة لاقت إقبالاً كبيراً من قبل متطوعين يرغبون بتسجيل المواد التدريسية للمكفوفين.

مبادرة Voicrill تهدف لتأسيس مكتبة سمعية شاملة مخصصة للمكفوفين وضعاف البصر، لتأمين جميع الكتب والوسائل التعليمية بشكل يلائم الطلبة الجامعيين ذوي الإعاقة البصرية في المراحل الدراسية جميعها (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه)، في سياق يضمن أرشفة جميع المناهج لضمان ديمومتها واستمراريتها لكل طالب قد يحتاجها في المستقبل.


“Voicrill” مبادرة طلابيّة في الجامعة الأردنية، معنية بتسجيل المناهج والكتب وتهدف لإنشاء مكتبة صوتية لمساعدة الطلبة المكفوفين بمختلف مراحل الدراسة الجامعية.

ومن رحم مبادرة Voicrill وُلدت مبادرة “بصيرة” المعنية بمساعدة الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في المدارس بمختلف الفئات العمرية.

سرى الخزاعي القائمة على المبادرة تقول إن مبادرة بصيرة تسعى لإعداد تسجيلات صوتية بجودة عالية وتقديمها للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية بشكل خاص من الصف الأول الابتدائي حتى الصف العاشر.

وتسعى مبادرة بصيرة أيضاً لتسجيل قصص ترفيهية وتوزيعها على عدد من المراكز المتخصصة بالأطفال ذوي الإعاقة للتسلية والاستفادة بنفس الوقت إضافة للتنسيق مع مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة في كل مناطق المملكة، لإرسال التسجيلات الصوتية للمناهج والقصص الترفيهية لإيصالها لأكبر عدد من المستفيدين. مبادرة بصيرة جاءت بالتعاون والشراكة مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف توفير المناهج الدراسية للأطفال المكفوفين من خلال مقاطع صوتية تم تحميلها وفهرستها وتبويبها على موقع المجلس وقد تم إدراجها بشكل يتيح استخدامها بسهولة من الطلاب وأسرهم.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *