واقع الطاقة الشمسية في الاردن: تسهيلات حكومية تصطدم بمحددات

Posted by

محمد الزبون، أسامة المغربي، إسراء صالح 

بعد إقرار قانون الطاقة المتجددة رقم 13 لسنة 2012 عمدت الحكومة الأردنية إلى ترجمة بنود القانون إلى خطوات لتشجيع الإستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة ومن ضمنها الطاقة الشمسية، وذلك عبر دعم هذا القطاع وإعفاء المواد الداخله في تصنيع أنظمته من الرسوم الجمركية، وعدم إخضاع مدخلاته للتعامل الضريبي.

وتهدف هذه التسهيلات إلى خفض فاتورة الطاقة ، وتقليل نسبة المستورد منها ، ويظهر ذلك  من الأرقام الصادرة عن وزارة الطاقة والثروة المعدنية عام 2015، والتي تفيد بأن المملكة تستورد 96% من إجمالي احتياجات الطاقة بتكلفة تبلغ 3.6 مليارات دولار أو ما يساوي 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد حددت الإستراتيجية الرئيسية لقطاع الطاقة في الأردن هدفًا يبلغ 1800 ميجاواط، ما يساوي 8% من إجمالي إمدادات الطاقة في البلاد تنتج من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.

وتوضح الاحصائيات التالية جزءا من هذه الاستراتيجيات ونتائج تطبيقها

 

“تستأثر مشاريع الطاقة الشمسية بالحصة الأكبر من إجمالي مشاريع الطاقة المتجددة في الأردن، نظراً لجدوى إستغلالها المتمثلة بأهمية الموقع الجغرافي للأردن ووقوعه على الحزام الشمسي”، بهذه الكلمات تحدث وزير التربية والتعليم الأسبق والباحث في مجال الطاقة الدكتور ابراهيم بدران ، مضيفاً بأن المعدل السنوي للأيام المشمسة في الأردن هو 320 يوم، معظمها ذات درجات حرارة معتدلة تعطي كفاءة عالية تتناسب مع ما يتطلبه الوضع الأمثل لتوليد الطاقة بواسطة الأشعة المنبعثة من الشمس.

وتعترض طريق تقدم هذا القطاع محددات تحول دون تحقيق النتائج المرجوة بالشكل الفعّال، وفي مقدمة هذه المحددات تعدد الجهات المعنية بمنح رخص إنشاء مشاريع الطاقة الشمسية، بدءاً من وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن وشركة الكهرباء الوطنية وشركات توزيع الكهرباء، و هو ماتفسره وزارة الطاقة بأنه عائد إلى تنوع أشكال الأنظمة الفنية التي تعالج الجهد الكهربائي المتولد عنها بحسب حجمها وطريقة نقلها .

لمحة عامة عن واقع الطاقة المتجددة في الأردن، في التقرير التالي:

 

تبين تعليمات تكاليف ربط منشأة الطاقة المتجددة على نظام التوزيع التقسيم المتبع لمشاريع  توليد الكهرباء في المملكة وفق ثلاثة أشكال أولها نظام العروض المباشرة  الموكول لوزارة الطاقة  وتكون حجم الطاقة المولدة فيه كبيرة وتزيد عن 5 ميجا واط ، وثانيها نظام  النقل بالعبور (Welling) بحيث يركب نظام التوليد في موقع مختلف عن موقع العدّاد المستفيد بسبب عدم ملائمة إنشاءه في موقع الإستفادة الرئيسي وهو ما يُعمل به  في عدد  من الفنادق والمستشفيات وتتولى مسؤوليته هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن بالتعاون مع شركة الكهرباء الوطنية، وثالثها نظام الربط المباشر صافي القياس Net metering))  والمتعلق بالإشتراكات الصغيرة التي لا تزيد عن 5 ميجا واط  كمشاريع المساجد والمنازل والجامعات ويرتبط  مباشرة بشركات توزيع الكهرباء.

ويذكر المهندس محمد جبر مدير شركة الرذاذ لأنظمة الطاقة الشمسية أنه تم رفض عدد من المشاريع المقدمة للإستثمار في الأشعة المنبعثة من الشمس ، بسبب عدم القدرة الفنية للخطوط الكهربائية وقصورها عن إستيعاب تدفق جهد كهربائي أكبر من الطاقة المصممة على أساسها، مضيفاً بأن إنشاء أكثر من مشروع إستغلال للطاقة الشمسية وخاصة الكبيرة منها يؤدي إلى الضغط على الخطوط المشبوكة عليها ، ويزيد من عبء الأحمال الكهربائية على هذه الخطوط، وهو ما يدفع شركة الكهرباء الوطنية نحو رفض منح رخص جديدة لإستغلال الطاقة الشمسية.

” يحمل محدد قصور الخطوط الكهربائية بُعدين مهمين: أولهما أن من يتقدم أولاً للمباشرة في مشاريع استثمار الطاقة الشمسية في المنطقة الواحدة هو من له الأولوية والسبق ومن يأتي لاحقاً تقل فرصته ، ما يعني إنتفاء المساواة ، والبعد الآخر في توقف جدوى استغلال هذه الطاقة عند حد معين” ، بهذه الكلمات تحدثت المتخصصة في شؤون الطاقة المتجددة المهندسة رند عواد، معللة هذا القصور بأسباب تتعلق بالبنى التحتية زمن تشييدها، والتي تم اللجوء إليها للتوفير في الكُلفة من دون مراعاة التطور الحاصل.

وفي هذا الجانب باشرت  الحكومة في شباط من هذا العام بواسطة شركات متخصصة  تنفيذ  مشروع الممر الأخضر (Green corridor)  الهادف إلى بناء خطوط نقل كهربائية تُمكّن الشبكة من استيعاب الاحمال الكهربائية الجديدة المولدة من مصادر الطاقة المتجددة ، بطول 150 كيلومتر، ويشمل المشروع  توسعة محطة تحويل القطرانة، ومحطة تحويل مطار الملكة علياء الدولي بقصد إستيعاب الخطوط الجديدة،  وتبلغ القدرة الإستيعابية للمشروع الذي سيدخل الخدمة خلال عام 2018 ما حجمه  1200 ميغا واط ، مقسمة على ثلاث مراحل ، وبكلفة  مقدارها 160 مليون دولار أمريكي.

توضح الخريطة التالية المواقع الجغرافية لمشاريع العروض المباشرة في مراحلها الثلاث:

كما يوضح الخط الزمني التالي أهم المفاصل الزمنية في تاريخ هذه المشاريع

يتم انتاج الجهد الكهربائي من خلال أشعة الشمس الساقطة على الصفائح والخلايا المُعدة لإلتقاطها نهاراً وفي الأيام المشمسة تحديداً، وبعد انتفاع المستخدم يجري نقل الفائض من الطاقة المولدة بواسطة هذه الخلايا إلى شركات توزيع الكهرباء عبر خطوط الشبكات المزودة ، ليتم مبادلة المشترك المستفيد من الطاقة الشمسية بالجهد الكهربائي في المساء أو في الأجواء غير المشمسة، وتفرض هذه العملية على شركات التوزيع إستقبال الجهد المولد رغم تفاوته وخضوعه لمتغيرات الطقس والظروف الجوية، حتى وإن كانت لا تحتاجه.

ويقول مدير دائرة تخطيط النظام الكهربائي في شركة الكهرباء الوطنية المهندس موفق حميدات: ” لا تتوفر لدى شركات توزيع الكهرباء معدات تخزينية لإستقبال الطاقة القادمة من الإشتراكات المستفيدة من توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية ” ، مؤكداً على أن الموزعين يعملون على إعادة توزيع هذه القدرات الكهربائية  في نفس الخطوط إلى إشتراكات أخرى غير مستفيدة من الطاقة الشمسية. مشيراً بأنه في حال كان الناتج فائضاً عن حاجة شركات التوزيع فإن الطاقة الموّلدة تذهب هدراً.

ويؤكد هذه المعلومة الدكتور ابراهيم بدران ويعلق بأن تأرجح وتفاوت الطاقة المولدة من الإشتركات المستفيدة من الخلايا الشمسية بين الفائض والقلة يجعل شركات توزيع الكهرباء لا تهتم كثيراً لطلبات إنشاء مشاريع طاقة شمسية  على الإشتراكات المخدومة من قبلها ، بل تعتبرها عبئاً إضافياً على كاهلها .

ويوضح مقطع الفيديو أدناه معلومات تفصيلية عن مشروع فيلادلفيا الذي تم تشغيله في محافظة المفرق

صورة توضيحية لمشروع شمس معان (قبل وبعد)

ولا ينعزل الأردن عن محيطه ،  فكما أنه يتأثر بالأوضاع الإقليمية الراهنة  في الملفات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية ، يبدو التأثر كبيراً في ملف الطاقة ، وظهر ذلك جلياً مع إنطلاق أحداث ما يسمى بالربيع العربي ، عندما ألقى إنقطاع الغاز المصري  بكاهله ثقيلاً على ميزانية المملكة، وهو الأن يفرض نفسه كمحددٍ يقف في وجه التوسع في مشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وفي طليعتها الشمسية ،  نتيجة عدم  فاعلية مشروع الربط الكهربائي ومحدودية العمل به بين دول المنطقة.

وحتى لا تذهب الكميات المنتجة من مشاريع استثمار الطاقة الشمسية التي تكون فائضة عن حاجة شركات التوزيع هدراً،  فإنه يُعد مجدياً إعادة تصديرها بإتجاه الدول المجاورة عبر خطوط الربط الكهربائي ، مقابل إعادة الإستيراد منها وقت الحاجة، وهو في الحالة الإقليمية الأردنية ضعيف ومحدود  بسبب الأحداث التي تجري على الأرض السورية.

ويشير مدير مديرية الطاقة المتجددة في وزاررة الطاقة والثروة المعدنية الدكتور المهندس يعقوب مرار  إلى وجود توجه لإستقدام وحدات تخزين ( بطاريات ) بالتنسيق مع شركات الكهرباء الوطنية (الناقل ) وشركات توزيع الكهرباء الأردنية ، بهدف التغلب على قصور العمل بمشروع الربط الكهربائي الإقليمي ووقف هدر فائض الإنتاج من الكهرباء.

وهو ما تراه المهندسة رند عواد بالإجراء غير الفعّال ، نظراً للعمر التشغيلي القصير لهذ البطاريات والذي يراوح معدله حدود الخمسة عشر عاماً ، ناهيك عن كلفتها المالية المرتفعة وفق وصف عواد.

في الختام تبدو التوجهات الحكومية واضحة للإعتماد على مصادر أقل كلفة في توليد الطاقة، من ضمنها طاقة الشمس المنبعثة عبر أشعتها ،  وفي سبيل ذلك تقدم التسهيلات كما ذكرنا ، ولكن ما يستدعي الإنتباه أن إستراتيجية قطاع الطاقة التي أقرتها الحكومة للأعوام من 2015 – 2025  تضع في إعتبارها أن الإعتماد على الطاقة المتجددة لن يتقدم في عام 2025 عن عام 2020 إلا بقدر 1% بحيث تصل ما نسبته 9% من إجمالي الإعتماد على مصادر الطاقة المختلفة، مقابل دخول مصادر جديدة للإعتماد عليها وعلى رأسها الطاقة النووية بنسبة 23%، الأمر الذي يعني أن الحكومة وضعت في خطتها عدم التوسع كثيراً في الإعتماد على الطاقة المتجددة بعد عام 2020، ويدلل على أن السنوات الثلاث القادمة هي ذروة التطور الذي تبغيه الحكومة  للإنجاز في هذا الملف، وبتركيز شديد على نوعين منه هما طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *