تراجع مستوردات الأردن النسيجية من إسرائيل

Posted by

عبدالله الغنميين ومحمد الكردي

تكشف بيانات دائرة الإحصاءات العامة أن قطاع المنسوجات والألبسة الأردني، استورد خلال العشرين سنة الماضية، من إسرائيل، ألبسة وأنسجة ومستلزماتهما بقيمة 657 مليون دينار، حيث شهد العام 2012 الأعلى قيمة بين كل السنوات في حجم مستوردات القطاع، من إسرائيل، وبمبلغ إجمالي يُقدر بنحو 29 مليون دينار.

وتُظهر البيانات الإحصائية، أن هذا الحجم لمستوردات قطاع المنسوجات الأردني من المواد النسيجية من إسرائيل، أخذ بالتراجع بعد هذا العام “2012” إلى أن وصل في العام 2015 إلى أقل من النصف، وبقيمة تُقدر بنحو 12 مليون دينار.

وتصدرت الملابس قائمة مستوردات المنسوجات من إسرائيل بنسبة 84 بالمئة عام 2012، تليها الأقمشة بنسبة 6 بالمئة، والخيوط والألياف بنسبة 5 بالمئة، لتتراجع عام 2015 إلى 76 بالمئة، تليها بالتراجع: الخيوط والألياف بنسبة 18 بالمئة، ثم الأقمشة 5 بالمئة.

وكان الكونغرس الأمريكي قد أضاف بنداً تشريعياً على اتفاقية التجارة الحرة الإسرائيلية الأمريكية التي أقرها في العام 1996، تم بموجبه اعتبار المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن لها ذات التفضيلات الاقتصادية التي تعطيها أمريكا للبضائع الإسرائيلية، واعتبار أن ما يتم تصديره من بضائع من تلك المناطق الصناعية في الأردن باتجاه أمريكا، معفى من الرسوم الجمركية. وبذلك أصبحت إسرائيل بوابة عبور أمام الأردن في طريقها إلى السوق الأمريكية.

وتنص بنود اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ Qualified Industrial Zone)، التي جرى توقيعها بين الأردن واسرائيل في العام 2017، على أن تعفى منتجات المناطق المؤهلة من الرسوم الجمركية عند تصديرها إلى أمريكا، بشرط أن لا تقل نسبة المكون “الإسرائيلي” فيها عن 11.7 بالمئة، وأن تكون الشركات المصنعة مدرجة في القوائم الخاصة بهذه المناطق، وأن لا تقل نسبة المكون المحلي عن 35 بالمئة، كما يمكن استخدام مكونات ذات منشأ أمريكي بحيث لا تزيد هذه المكونات عن 15 بالمئة من قيمة السلعة، فضلا عن إمكانية استخدام مكونات من قطاع غزة والضفة الغربية.

وبذلك أصبح الأردن يشكل بوابة عبور آمنة أمام البضائع الإسرائيلية أو تلك المنقولة عبر الموانئ الإسرائيلية باتجاه دول الخليج العربيّ. ورغم ذلك، حصل تراجع في الاستيراد من إسرائيل في مجال المواد النسيجية منذ العام 2013.

نقيب تجار الألبسة سلطان علان يعزو أسباب التراجع في استيراد المواد النسيجية من إسرائيل بعد العام 2012، إلى أن المستثمر الإسرائيلي لم يعد يرغب التعامل مع السوق الأردنية لوجود فرص متاحة أمامه، منها السوق المصرية بموجب اتفاقية بين مصر وإسرائيل، والتي توفر ميزة أيدٍ عاملة رخيصة نظرا لهبوط سعر صرف العملة المصرية مقارنة ببقية العملات العالمية، والاتفاقيات الثنائية التي عُقدت ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والسوق الأوروبية المشتركة والعديد من دول شمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط والدول الآسيوية.

ويبين علان إن اتفاقية الكويز (QIZ) لا تعود بالنفع على الاقتصاد الأردني، حيث بقيت مساهمة الأيدي العاملة المحلية ضئيلة مقارنة مع الأيدي العاملة الأجنبية، بنسبة بلغت 20 بالمئة فقط، و80 بالمئة عادت إلى الأيدي العاملة الأجنبية.

وبحسب دائرة الاحصاءات العامة ، بلغت نسبة مستوردات المملكة من المصنوعات النسيجية من اسرائيل مقارنة بنسبتها مع باقي دول العالم نحو 4 بالمئة عام 2012، و 3 بالمئة عام 2013، و2 بالمئة عام 2014، و 1.5 عام 2015. كما أظهرت بيانات الدائرة أن الأردنيين يدفعون من كل 100 دينار من انفاقهم على الملابس حوالي 1.5 قرشا لإسرائيل.

الناطق الإعلامي باسم وزارة الصناعة والتجارة يقول ينال برماوي إن انخفاض حجم المستوردات في مجال المنسوجات من إسرائيل يعود إلى توفر مصانع محلية تنتج هذه المواد بأسعار تكلفة أقل، مبينا أن إسرائيل لا تعتبر شريكا استراتيجياً مهماً وأن الأردن استفاد من اتفاقية المدن الصناعية المؤهلة، حيث استطاعت المصانع الأردنية أن تصل للأسواق العالمية بدون رسوم جمركية.

ويشير الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى إن انخفاض التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل في مجال المواد النسيجية يفسر بعدة أسباب، منها: أن حجم صادرات المناطق الصناعية الخارجية تراجع أو انخفضت الأنشطة فيها، وبالتالي قلت المستوردات من الجانب الإسرائيلي إلى هذه المناطق، وأن الأسعار تغيرت إلى ارتفاع في إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الكلف وبالتالي انخفض حجم المستوردات من إسرائيل.

كما أن تصدير الأردن للمستوردات من إسرائيل إلى دول أخرى سواء أكانت دولا عربية، أو خليجية، أو دول أخرى في أسيا تأثرت بالرسوم الجمركية في تلك الدول.

وهناك أسباب تتعلق بالجغرافية السياسية التي نعيشها والظروف الإقليمية المحيطة، ما دفع البعض للتحول من التعاون مع إسرائيل إلى التعاون مع دول أخرى. كما أن الإقبال على المنتجات الإسرائيلية، حتى لو كان هناك تمويه في عرضها، سواء في السوق الأردنية وأسواق عربية وإسلامية، ضعيف، وهو الأمر الذي أدى إلى تخفيض استيرادها.

ويبين عايش أن هناك صعوداً وهبوطاً في التبادل التجاري مع إسرائيل، تحدده مواقف الاحتلال الإسرائيلي التصعيدية ضد المواطنين الفلسطينيين، حيث يدعو العالم العربي إلى مقاطعة منتجات دولة الاحتلال؛ ما يدفع المستوردين إلى تخفيف استيراد هذه المنتجات تلافيا للخسائر المترتبة على ذلك، مبيناً أن قيمة مستوردات الأردن من البضائع الإسرائيلية تراجعت مع شنّ جيش الاحتلال حربيين عدوانيين على قطاع غزة عامي 2012 و2014، فبحسب أرقام الإحصاءات العامة الأردنية؛ فإن قيمة مستوردات المملكة من البضائع الإسرائيلية انخفضت من 71.3 مليون دينار عام 2012 إلى 40.6 مليون دينار عام 2014.

وتضر اتفاقية الكويز بمبدأ العدالة في الفرص المتاحة بين أبناء الوطن، فالمناطق ستكون لصالح جزء من القطاع الخاص الكبير، الذي سيتمكن من الاستفادة من حصص المصدرين الأردنيين، الذين يعملون خارج مناطق الكويز والذين كانوا يصدرون إنتاجهم للسوق الأمريكية؛ ما سيجعل وضعهم التنافسي يتراجع، بعد تحميل صادراتهم للسوق الأمريكية برسوم جمركية لا يتحملها نظراؤهم في مناطق الكويز.

صاحب مشغل الألبسة حسام العبدالات يقول “إن التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل في مجال المواد النسيجية، والذي يُقدر بالملايين، يعطي ركودا عاما للسوق الأردنية وحجم التجارة فيه، ونحن كتجار ألبسة ومصنعين في حالة هلاك متزايد”.

ويضيف أن “هناك أيدٍ أردنية ماهرة لكن المشكلة تكمن في أن الامتيازات تذهب للمدن الصناعية المؤهلة، منها: أسعار الكهرباء، والضمان الاجتماعي، والعمالة الوافدة كلها تتجه نحو المدن الصناعية، ونحن في المشاغل الصغيرة علينا أن ندبر أمورنا ونتعامل مع الإجراءات البيروقراطية غير المشجعة للاستثمار”.

وينظر بعض الخبراء الاقتصاديون اتفاقية الكويز( QIZ) على أنها هروب من معالجة الاختلالات الحقيقية التي تعاني منها صناعة المنسوجات في الأردن فعدم قدرة صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة عن اقتحام الأسواق الخارجية، وضمان السيادة في السوق المحلية، ينبئ أن هناك اختلالات كبيرة في هذه الصناعة ينبغي معالجتها، أهمها: ضعف كفاءة التسويق والاستمرار في الاعتماد على آليات تقليدية في التسويق الخارجي، والتركيز الشديد على السوق الأمريكية دون غيرها، ضعف عمليات الابتكار والتطوير والتجديد.

ويرى رئيس لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية في الأردن الدكتور مناف مجلي أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من اتفاقية QIZ، حيث تمكنت من النفاذ إلى العديد من الأسواق في المنطقة تحت غطاء الشركات في المنطقة وجنت الأرباح التي لا تعتبر مالية فقط.

يشار إلى أن “الألبسة والأنسجة” تتصدر قائمة أكثر من مئة صنف من السلع يتبادلها الأردن وإسرائيل، وفق الأرقام الرسمية، وتشكل نصف إجمالي قيمة مستوردات المملكة من البضائع الإسرائيلية

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *